69 - العمدة: من مناقب الفقيه أبي الحسن بن المغازلي، عن أبي علي بن عبد الله العلاف (1)، عن عبد السلام بن عبد الملك، عن عبد الله محمد بن عثمان، عن محمد بن بكر ابن عبد الرزاق، عن مغيرة بن محمد المهلبي، عن مسلم بن إبراهيم، عن نوح بن قيس، عن الوليد بن صالح، عن ابن امرأة زيد بن أرقم قال: أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة، فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك، ثم نادى: الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم شديد الحر وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الحر، حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بنا الظهر، ثم انصرف إلينا بوجهه الكريم فقال: الحمد لله الذي نحمده ونستعينه (2)، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (3)، أما بعد أيها الناس إنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ما عمر من قبله، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة، وإني قد أسرعت في العشرين، ألا وإني يوشك أن أفارقكم ألا وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فهل بلغتكم، فماذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقول (4): نشهد أنك عبد الله ورسوله، قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره، وعبدته حتى أتاك اليقين، جزاك الله عنا خير ما جزى (5) نبيا عن أمته، فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق والنار حق وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا: بلى، قال: اشهدوا أن قد صدقتكم وصدقتموني، ألا وإني فرطكم وأنتم تبعي (6)، توشكون أن تردوا علي الحوض، فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما، قال: فاعيل علينا ما ندري ما الثقلان
(١٨٤)