له أغنانا الله وإياكم عن تناول ما هو أحق به من التعاظم وحسن الثناء ".
والتناهي: قبول النهي. والضمير في " له " راجع إلى الله تعالى.
وفي النهج: كما في النسخ المشهورة قوله عليه السلام: " فربما استحلى الناس " يقال: استحلاه: أي وجده حلوا.
قال ابن ميثم رحمه الله: هذا يجري مجرى تمهيد العذر لمن أثنى عليه فكأنه يقول: وأنت معذور في ذلك حيث رأيتني أجاهد في الله، وأحث الناس على ذلك، ومن عادة الناس أن يستحلوا الثناء عند أن يبلوا بلاء حسنا في جهاد أو غيره من سائر الطاعات.
ثم أجاب [عليه السلام:] عن هذا العذر في نفسه بقوله: " فلا تثنوا علي بجميل ثناء ": أي لا تثنوا علي لأجل ما ترونه مني من طاعة الله، فإن ذلك إنما هو إخراج لنفسي إلى الله من حقوقه الباقية علي لم أفرغ بعد من أدائها وهي حقوق نعمه وفرائضه التي لابد من المضي فيها.
وكذلك إليكم من الحقوق التي أوجبها الله [علي لكم] من النصيحة في الدين والإرشاد إلى الطريق الأفضل، والتعليم لكيفية سلوكه.
[ثم قال:] وفي خط الرضي رحمه الله " من التقية " بالتاء: والمعنى فإن الذي أفعله من طاعة الله، إنما هو إخراج لنفسي إلى الله وإليكم من تقية الخلق (1) فيما يجلب علي من الحقوق. إذ كان عليه السلام إنما يعبد الله لله غير ملتفت في شئ من عبادته، وأداء واجب حقه إلى أحد سواه خوفا منه أو رغبة إليه.
أو المراد بها التقية التي كان يعملها في زمن الخلفاء الثلاثة وتركها في أيام خلافته، وكأنه قال: لم أفعل شيئا إلا وهو أداء حق واجب علي، وإذا كان كذلك،