فكيف أستحق أن يثنى علي لأجل إتيان الواجب بثناء جميل وأقابل بهذا التعظيم؟! [و] هذا من باب التواضع منه [عليه السلام] وتعليم كيفيته، وكسر للنفس عن محبة الباطل والميل إليه. انتهى.
وقال ابن أبي الحديد: معنى قوله: " لاخراجي نفسي إلى الله وإليكم ":
أي لاعترافي بين يدي الله وبمحضر منكم أن علي حقوقا في أيالتكم ورئاستي لم أقم بها بعد وأرجو من الله القيام بها.
انتهى [كلام ابن أبي الحديد].
فكأنه جعل قوله [عليه السلام:] " لإخراجي " تعليلا لترك الثناء لا مثنى عليه ولا يخفى بعده.
ثم اعلم أنه يحتمل أن يكون المراد ب " البقية ": الإبقاء والترحم كما قال تعالى: (أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض) [116 / هود: 11]. أي إخراجي نفسي من أن أبقى وأترحم مداهنة في حقوق لم أفرغ من أدائها.
قال الفيروزآبادي: وأبقيت ما بيننا: لم أبالغ في كل فساده. والاسم منه البقية و " أولوا بقية ينهون عن الفساد ": أي إبقاء أو فهم.
قوله عليه السلام: " ولا تتحفظوا عني بما يتحفظ به عند أهل البادرة " البادرة: الحدة والكلام الذي يسبق من الإنسان في الغضب: أي لا تثنوا علي كما يثنى على أهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم، أو لا تحتشموا مني كما يحتشم من السلاطين والأمراء، كترك المسارة والحديث إجلالا وخوفا منهم، وترك مشاورتهم أو إعلامهم ببعض الأمور والقيام بين أيديهم.
قوله عليه السلام: " بالمصانعة ": أي الرشوة والمداراة.
قوله عليه السلام: " كان العمل بهما أثقل عليه ": وشأن الولاة العمل بالعدل والحق، أو أنتم تعلمون أنه لا يثقل علي العمل بهما.