اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسئموني. اللهم لا ترض عنهم أميرا، ولا ترضهم عن أمير، وأمث قلوبهم كإيماث الملح في الماء.
أما والله لو [كنت] أجد بدا من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت. ولقد عاتبتكم في رشدكم حتى سئمت الحياة، [وأنتم في] كل ذلك ترجعون بالهزء من القول، فرارا من الحق، وإلحادا إلى الباطل (1) الذي لا يعز الله بأهله الدين، وإني لأعلم بكم أنكم لا تزيدونني غير تخسير.
كلما أمرتكم بجهاد عدوكم اثاقلتم إلى الأرض، وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول. إن قلت لكم في القيظ: سيروا. قلتم: الحر شديد. وإن قلت لكم: سيروا في البرد. قلتم: القر شديد. كل ذلك فرارا عن الحرب إذا كنتم عن الحر والبرد تعجزون، فأنتم عن حرارة السيف أعجز وأعجز. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
يا أهل الكوفة! قد أتاني الصريح يخبرني أن ابن غامد قد نزل الأنبار على أهلها ليلا في أربعة آلاف، فأغار عليهم كما يغار على الروم والخزر، فقتل بها عاملي ابن حسان، وقتل معه رجالا صالحين ذوي فضل وعبادة ونجدة، بوء الله لهم جنات النعيم، وإنه أباحها.
وقد بلغني أن العصبة من أهل الشام، كانوا يدخلون على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة، فيهتكون سترها، ويأخذون القناع من رأسها، والخرص من أذنها، والأوضاح من يديها ورجليها وعضديها، والخلخال والمئزر عن سوقها، فما تمتنع إلا بالاسترجاع والنداء " يا للمسلمين " فلا يغيثها مغيث ولا ينصرها ناصر، فلو أن مؤمنا مات من دون هذا أسفا، ما كان عندي ملوما بل كان عندي بارا محسنا.