تتربعون حلقا، تضربون الأمثال، وتنشدون الأشعار، وتجسسون الأخبار، حتى إذا تفرقتم، تسألون عن الأشعار. جهلة من غير علم، وغفلة من غير ورع، وتتبعا من غير خوف. ونسيتم الحرب والاستعداد لها، فأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها، شغلتموها بالأعاليل والأضاليل.
فالعجب كل العجب - وكيف لا أعجب - من اجتماع قوم على باطلهم وتخاذلكم عن حقكم.
يا أهل الكوفة! أنتم كأم مجالد، حملت فأملصت، فمات قيمها، وطال أيمها وورثها أبعدها.
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إن من ورائكم الأعور الأدبر جهنم الدنيا، لا يبقي ولا يذر.
ومن بعده النهاس الفراس، الجموع المنوع، ثم ليتوارثنكم من بني أمية عدة، ما الآخر [منهم] بأرأف بكم من الأول، ما خلا رجلا واحدا [منهم] بلاء قضاه الله على هذه الأمة، لا محالة كائن.
يقتلون خياركم، ويستعبدون أرذالكم، ويستخرجون كنوزكم وذخائركم من جوف حجالكم، نقمة بما ضيعتم من أموركم وصلاح أنفسكم ودينكم.
يا أهل الكوفة! أخبركم بما يكون قبل أن يكون، لتكونوا منه على حذر، ولتنذروا به من اتعظ واعتبر. كأني بكم تقولون: إن عليا يكذب كما قالت قريش لنبيها وسيدها نبي الرحمة محمد بن عبد الله حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فيا ويلكم، فعلى من أكذب! أعلى الله! فأنا أول من عبد الله ووحده، أم على رسول الله صلى الله عليه وآله! فأنا أول من آمن به وصدقه ونصره. كلا ولكنها لهجة خدعة كنتم عنها أغبياء.