بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٤ - الصفحة ١٣٨
افترى، ونجا من اتقى وصدق بالحسنى.
يا أهل الكوفة! قد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا، وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فإنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا. فتواكلتم وتخاذلتم، وثقل عليكم قولي، واستصعب عليكم أمري، واتخذتموه وراءكم ظهريا حتى شنت عليكم الغارات، وظهرت فيكم الفواحش والمنكرات، تمسيكم وتصبحكم كما فعل بأهل المثلات من قبلكم، حيث أخبر الله عز وجل عن الجبابرة العتاة الطغاة، والمستضعفين الغواة في قوله تعالى:
(يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) (1).
أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد حل بكم الذي توعدون.
عاتبتكم يا أهل الكوفة بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم، وأدبتكم بالدرة فلم تستقيموا لي (2)، وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعووا. ولقد علمت أن الذي يصلحكم هو السيف. وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي، ولكن سيسلط عليكم سلطان صعب، لا يوقر كبيركم، ولا يرحم صغيركم، ولا يكرم عالمكم، ولا يقسم الفئ بالسوية بينكم، وليضربنكم وليذلنكم، وليجرنكم في المغازي، ويقطعن سبلكم، وليحجبنكم على بابه حتى يأكل قويكم ضعيفكم، ثم لا يبعد الله الا مم ظلم. ولقل ما أدبر شئ فأقبل، إني لأظنكم على فترة، وما علي الا النصح لكم.
يا أهل الكوفة! منيت منكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو ألسن، وعمي ذوو أبصار. لا إخوان صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء.

(١) والآية الكريمة قد وردت في ثلاث سور من القرآن المجيد في الآية: (49) من سورة البقرة، وفي الآية (141) من سورة الأعراف، وفي الآية: (6) من سورة إبراهيم.
(2) في النسخة الخطية: وأدبتكم بالدرة فلم أنتفع بكم، وأدبتكم بالدرة فلم تستقيموا لي الظاهر أنه خطا من الناسخ، والصحيح ما أثبتناه في المتن، وهو مطابق لرواية الاحتجاج.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 [الباب الحادي والثلاثون] باب سائر ما جرى من الفتن من غارات أصحاب معاوية على أعماله عليه السلام وتثاقل أصحابه عن نصره وفرار بعضهم عنه إلى معاوية وشكايته عليه السلام عنهم وبعض النوادر 7
2 [الباب الثاني والثلاثون] علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه 167
3 [الباب الثالث والثلاثون] باب نوادر ما وقع في أيام خلافته عليه السلام وجوامع خطبه ونوادرها 183
4 [الباب الرابع والثلاثون] باب فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وذكر بعض المخالفين والمنافقين زائدا على ما أوردنا [ه] في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله وكتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام. 271
5 [الباب الخامس والثلاثون] باب النوادر 327
6 [الباب السادس والثلاثون] باب آخر نادر في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من الأشعار المناسبة لهذا المجلد وقد مر بعضها في الأبواب السابقة 395