ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله، أني لم أرد على الله سبحانه ولا على رسوله ساعة قط، ولقد واسيته [آسيته " خ "] في المواطن التي تنكص فيها الأبطال، وتتأخر الأقدام، نجدة أكرمني الله بها.
ولقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وإن رأسه لعلى صدري، وقد سالت نفسه في كفي، فأمررتها على وجهي. ولقد وليت غسله صلى الله عليه وآله والملائكة أعواني، فضجت الدار والأفنية، ملأ يهبط وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هينمة منهم، يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه.
فمن ذا أحق به مني حيا وميتا، فانفذوا على بصائركم، ولتصدق نياتكم في جهاد عدوكم، فوالذي لا إله إلا هو، إني لعلى جادة الحق، وإنهم لعلى مزلة الباطل. أقول ما تسمعون وأستغفر الله [العظيم " خ "] لي ولكم.
بيان:
استحفظته الشئ أودعته عنده وسألته أن يحفظه. و " المستحفظون " - على بناء المفعول -: المطلعون على أسرار الرسول صلى الله عليه وآله وسيرته، الصادقون في الشهادة الذي لم يغيروا ولم يبدلوا للأغراض الدنيوية.
وقال ابن أبي الحديد: الظاهر أنه عليه السلام يومئ في قوله: " لم أرد على الله... " إلى أمور وقعت عن غيره.
ثم ذكر أمورا كثيرة من مخالفات عمر ومعارضاته لرسول الله صلى الله عليه وآله.
و [أيضا] قال [ابن أبي الحديد] في [شرح] قوله عليه السلام: " ولقد آسيته بنفسي ": يقال: واسيته، بالهمزة أفصح. وهذا مما اختص عليه السلام بفضيلته غير مدافع، ثبت معه يوم أحد. وفر الناس، وثبت معه يوم حنين وفر الناس، وثبت يوم خيبر حتى فتحها وفر من كان بعث بها قبله. انتهى.