وكتب معاوية إلى ابن عباس عند صلح الحسن عليه السلام كتابا يدعوه فيه إلى بيعته ويقول له فيه: ولعمري لو قتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك لله رضا وأن يكون رأيا صوابا فإنك من الساعين عليه والخاذلين له والسافكين دمه وما جرى بيني وبينك صلح فيمنعك مني ولا بيدك أمان.
فكتب إليه ابن عباس جوابا طويلا يقول فيه: وأما قولك: إني من الساعين على عثمان والخاذلين له والسافكين دمه. فأقسم بالله لانت المتربص بعثمان والمحب لهلاكه والحابس الناس قبلك عنه على بصيرة من أمره ولقد أتاك كتابه وصريخه يستغيث بك ويستصرخ فما حفلت - حتى بعثت به معذرا بأخرة - وأنت تعلم أنهم لن يدركوه حتى يقتل فقتل كما كنت أردت ثم علمت بعد ذلك أن الناس - لن يعدلوا - بيننا وبينك فطفقت تنعي عثمان وتلزمنا دمه وتقول: قتل عثمان مظلوما فإن يك قتل مظلوما فأنت أظلم الظالمين ثم لم تزل مصوبا ومصعدا وجاثما ورابضا تستغوي الجهال وتنازعنا حقنا بالسفهاء حتى أدركت ما طلبت " وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " (1).
بيان: بعثت به أي بالجيش أو الصريخ " معذرا " بالتشديد وهو المقصر ومن يبدي عذرا وليس بمحق " بأخرة " أي بتأخير وتسويف أو آخرا حيث لا ينفع.
قال الجوهري: بعته بأخره: بكسر الخاء وقصر الألف أي بنسئة وجاء فلان بأخرة بفتح الخاء أي أخيرا.
وفي النهاية فيه: " فصعد في النظر وصوبه " أي نظر إلى أعلاي وأسفلي يتأملني انتهى.
وجثم الطائر: تلبد بالأرض. وربوض الغنم والكلب مثل بروك الإبل وجثوم الطير فتارة شبهه بالطيور الخاطفة وتارة بالكلاب الضارية الصايدة.
405 - وقال ابن أبي الحديد: روى نصر بن مزاحم أنه كتب أمير المؤمنين