عليه السلام إلى معاوية:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام على من اتبع الهدى فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإنك قد رأيت مرور الدنيا وانقضاءها وتصرمها وتصرفها بأهلها فيما مضى منها وخير ما اكتسبت [مما] بقي من الدنيا ما أصاب العباد الصالحون فيما مضى منها من التقوى ومن يقس الدنيا بالآخرة يجد بينهما بونا بعيدا واعلم يا معاوية أنك قد ادعيت أمرا لست من أهله لا في القديم ولا في الحديث ولا في البقية ولست تقول فيه بأمر بين يعرف له أثر ولا عليك منه شاهد ولست متعلقا بآية من كتاب الله ولا عهد من رسول الله فكيف أنت صانع إذا تقشعت عنك غيابة ما أنت فيه فيه من دنيا قد فتنت بزينتها وركنت إلى لذتها وخلا بينك وبين عدوك فيها عدو كلب مضل جاهد مليح ملح مع ما قد ثبت في نفسك من حبها، دعتك فأجبتها وقادتك فاتبعتها وأمرتك فأطعتها فاقعس عن هذا الامر وخذ أهبة الحساب فإنه يوشك أن يقفك واقف على مالا يجنك به مجن.
ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية أو ولاة لأمر هذه الأمة بلا قدم حسن ولا شرف تليد على قومكم فاستيقظ من سنتك وارجع إلى خالقك وشمر لما سينزل بك ولا تمكن عدوك الشيطان من بغيته فيك مع أني أعرف أن الله ورسوله صادقان - نعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء - وإن لا تفعل فإني أعلمك ما أغفلت من نفسك إنك مترف قد أخذ منك الشيطان مأخذه فجرى منك مجرى الدم في العروق ولست من أئمة هذه الأمة ولا من رعاتها.
واعلم أن هذا الامر لو كان إلى الناس أو بأيديهم لحسدوناه ولامتنوا علينا به