أما بعد فقد بلغني مسير هذين الرجلين واستخفافهما حبيس رسول الله صلى الله عليه وآله واستفزازهما أبناء الطلقاء وتلبيسهما على الناس بدم عثمان وهما ألبا عليه وفعلا به الأفاعيل وخرجا ليضربا الناس بعضهم ببعض اللهم فأكف المسلمين مؤنتهما واجزهما الجوازي.
وحض الناس على الخروج في طلبهما فقام إليه أبو مسعود عقبة بن عمرو فقال: يا أمير المؤمنين إن الذي يفوتك من الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومجلسك فيما بين قبره ومنبره أعظم مما ترجو من الشام والعراق فإن كنت إنما تسير لحرب فقد أقام عمر وكفاه سعد زحف القادسية وكفاه حذيفة بن اليمان زحف نهاوند وكفاه أبو موسى زحف تستر وكفاه خالد بن الوليد زحف الشام فإن كنت سائرا فخلف عندنا شقة منك نرعاه فيك ونذكرك به ثم قال أبو مسعود:
بكت الأرض والسماء على الشاخص * منا يريد أهل العراق يا وزير النبي قد عظم الخطب * وطعم الفراق مر المذاق وإذا القوم خاصموك فقوم * ناكسو الطرف خاضعو الأعناق لا يقولون إذ تقول وإن * قلت فقول المبرز السباق فعيون الحجار تذرف بالدمع * وتلك القلوب عند التراقي فعليك السلام ما ذرت به الشمس * ولاح السراب بالرقراق فقال قيس بن سعد: يا أمير المؤمنين ما على الأرض أحد أحب إلينا أن يقيم فينا منك لأنك نجمنا الذي نهتدي به ومفزعنا الذي نصير إليه وإن فقدناك لتظلمن أرضنا وسماؤنا ولكن والله لو خليت معاوية للمكر ليرومن مصر وليفسدن اليمن وليطمعن في العراق ومعه قوم يمانيون قد أشربوا قتل عثمان وقد اكتفوا بالظن عن العلم وبالشك عن اليقين وبالهوى عن الخير فسر بأهل الحجاز وأهل العراق ثم ارمه بأمر يضيق فيه خناقه ويقصر له من نفسه.
فقال: أحسنت والله يا قيس وأجملت.
وكتبت أم الفضل بنت الحارث إلى علي (عليه السلام) تخبره بمسير عائشة