الاقرار بصحة البيعة لا مجال للامر بالمخالفة أو ظن أن هذا الكلام ينفعه وفي الواقع يضره أو ينفعه في الدنيا ويضره في العقبى.
والامر برفع الذيل وشد المئزر كنايتان عن الاهتمام في الامر والخروج من الجحر استهانة به حيث جعله ثعلبا أو ضبعا. والجحر بالضم كل شئ تحفره السباع والهوام لانفسها. قوله (عليه السلام): " فإن حققت " أي أمرك مبني على الشك فإن حققت لزوم طاعتي فأنفذ أي فسر حتى تقدم علي وإن أقمت على الشك فاعتزل العمل أو إن أنكرت الطاعة فأظهر إنكارك واعمل بمقتضاه.
" والخاثر " اللبن الغليظ " والزبد " خلاصة اللبن وصفوته يقال للرجل إذا ضرب حتى أثخن: " ضرب حتى خلط زبده بخاثره وذائبه بجامده " كأنه خلط مارق ولطف من أخلاطه بما كثف وغلظ منها وهذا مثل ومعناه ليفسدن حالك وليضطربن ما هو الآن منتظم من أمرك. والقعدة بالكسر هيئة القعود كالحلبة والركبة.
قوله: " وتحذر من أمامك " قيل كناية عن غاية الخوف. وإنما جعل عليه السلم الحذر من خلف أصلا في التشبيه لكون الانسان من وراءه أشد خوفا.
وقيل حتى تخاف من الدنيا كما تخاف من الآخرة. ويحتمل أن يكون المعنى حتى تحذر من هذا الامر الذي أقبلت إليه وأقدمت عليه - وهو تثبيط الناس عن الجهاد - كما تحذر مما خلفته وراء ظهرك ولم تقدم عليه وهو الجهاد.
وقال ابن أبي الحديد: أي يأتيكم أهل البصرة مع طلحة ونأتيكم بأهل المدينة والحجاز فيجتمع عليكم سيفان من أمامكم ومن خلفكم.
وقال في قوله (عليه السلام): " وما بالهوينا " أي ليست هذه الداهية بالشئ الهين الذي ترجو اندفاعه بسهولة فإن قصد الجيوش الكوفة من كلا الجانبين أمر صعب المرام فإنه ليركبن أهل الحجاز وأهل البصرة هذا الامر المستصعب لأنا نحن نطلب أن نملك الكوفة وأهل البصرة كذلك فيجتمع عليها الفريقان.