اتق الله الذي لابد لك من لقائه ولا منتهى لك دونه، ولا تقاتلن إلا من قاتلك وسر البردين وغور الناس ورفه في السير، ولا تسر أول الليل فإن الله جعله سكنا، وقدره مقالا لا ظعنا، فأرح فيه بدنك وروح ظهرك فإذا وقفت حين ينبطح السحر أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة الله.
فإذا لقيت العدو فقف من أصحابك وسطا ولا تدن من القوم دنو من يريد أن ينشب الحرب ولا تباعد منهم تباعد من يهاب البأس حتى يأتيك أمري.
ولا يحملنكم شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم.
بيان: قال ابن ميثم [روي أنه] (عليه السلام): بعثه من المدائن وقال له: امض على الموصل حتى توافيني بالرقة ثم أوصاه بذلك.
والبردان: الغداة والعشي. وقال الجوهري: التغوير: القيلولة. يقول:
غوروا أي أنزلوا للقائلة. قال أبو عبيد: يقال للقائلة: الغائرة. والترفيه:
الإراحة. والسكن: ما يسكن إليه. والظعن: الارتحال.
و [قال ابن الأثير] في النهاية: الظهر الإبل الذي يحمل عليها ويركب.
قوله (عليه السلام): " فإذا وقفت " قال ابن أبي الحديد أي إذا وقفت ثقلك وجملك لتسير فليكن ذلك " حين ينبطح السحر " أي حين يتسع ويمتد أي لا يكون السحر الأول بل ما بين السحر الأول وبين الفجر الأول. وأصل الانبطاح: السعة ومنه الأبطح بمكة.
وقال الجوهري: نشب الشئ في الشئ بالكسر نشوبا أي علق فيه.
وأنشبته أنا فيه. ويقال: نشب الحرب بينهم: [ثارت]. والشنآن: البغض.
وفي بعض النسخ " شبابكم ". " قبل دعائهم " أي إلى الاسلام. ويقال:
أعذر الرجل إذا بلغ أقصى الغاية في العذر.