الثاني: النصوص المشعرة بالخروج من النار، كقوله تعالى: [النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله] (الانعام: 128) (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز] (آل عمران: 185)، وكقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " يخرج من النار قوم بعدما امتحشوا وصاروا فحما وحمما، فينبتون كما ينبت الحبة في حميل السيل "، وخبر الواحد وإن لم يكن حجة في الأصول لكن يفيد التأييد والتأكيد بتعاضد النصوص.
الثالث: وهو على قاعدة الاعتزال، أن من واظب على الايمان والعمل الصالح مائة سنة وصدر عنه في أثناء ذلك أو بعده جريمة واحدة - كشرب جرعة من الخمر - فلا يحسن من الحكيم أن يعذبه على ذلك أبد الآباد، ولو لم يكن هذا ظلما فلا ظلم، أو لم يستحق بهذا ذما فلا ذم.
الرابع: أن المعصية متناهية زمانا - وهو ظاهر - وقدرا لما يوجد من معصية أشد منها، فجزاؤها يجب أن يكون متناهيا تحقيقا لقاعدة العدل، بخلاف الفكر فإنه لا بتناهي قدرا وإن تناهى زمانه.
ثم سرد ما احتجت المعتزلة به من وجوه وأجاب عنها:
ثم قال في بحث آخر: لا خلاف في أن من آمن بعد الكفر والمعاصي فهو من أهل الجنة بمنزلة من لا معصية له، ومن كفر - نعوذ بالله - بعد الايمان والعمل الصالح فهو من أهل النار بمنزلة من لا حسنة له، وإنما الكلام فيمن آمن وعمل صالحا وآخر سيئا واستمر على الطاعات والكبائر كما يشاهد من الناس فعندنا مآله إلى الجنة ولو بعد النار، واستحقاقه للثواب والعقاب بمقتضى الوعد والوعيد ثابت من غير حبوط، والمشهور من مذهب المعتزلة أنه من أهل الخلود في النار إذا مات قبل التوبة، فأشكل عليهم الامر في إيمانه وطاعاته وما يثبت من استحقاقاته أين طارت؟ وكيف زالت؟ فقالوا بحبوط الطاعات ومالوا إلى أن السيئات يذهبن الحسنات، حتى ذهب الجمهور منهم إلى أن الكبيرة الواحدة تحبط ثواب جميع العبادات، وفساده ظاهر، أما سمعا فللنصوص