فتكلم أبو بكر فذكر قرب المهاجرين من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنهم أولياؤه وعترته، ثم قال: نحن الامراء وأنتم الوزراء، لا نفتات عليكم بمشورة، ولا نقضي دونكم الأمور (1).
فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم، فان الناس في ظلكم ولن يجترء مجترئ على خلافكم، ولا يصدر أحد إلا عن رأيكم أنتم أهل العزة والمنعة، وأولوا العدد والكثرة، وذو والبأس والنجدة وإنما ينظر الناس ما تصنعون، فلا تختلفوا فتفسد عليكم أموركم، فان أبى هؤلاء إلا ما سمعتم، فمنا أمير ومنهم أمير.
فقال عمر: هيهات لا يجتمع سفيان في غمد، والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم، ولا تمنع العرب أن تولى أمرها من كانت النبوة منهم، من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته؟ فقال الحباب بن المنذر: يا معشر الأنصار املكوا أيديكم، ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الامر فان أبوا عليكم فأجلوهم من هذه البلاد، فأنتم أحق بهذا الامر منهم، فإنه بأسيافكم دان الناس بهذا الدين، أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، أنا أبو شبل في عريسة الأسد، والله إن شئتم لنعيدها جذعة.
فقال عمر: إذن يقتلك الله فقال: بل إياك يقتل، فقال أبو عبيدة: يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر، فلا تكونوا أول من بدل أو غير، فقام بشير بن سعد والد النعمان بن بشير فقال: يا معشر الأنصار ألا إن محمدا من قريش، وقومه أولى به، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الامر، فقال أبو بكر: هذا عمر وأبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم، فقالا: والله لا نتولى هذا الامر عليك، وأنت أفضل المهاجرين وخليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الصلاة، وهي أفضل الدين، أبسط يدك، فلما بسط يده ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه، فناده الحباب بن المنذر: يا بشير .