بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣١٩
إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله، فقالوا: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسول الله فلا، وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله ليلة العقبة (1) فكله لا أصل له عند أصحابنا
(١) قد مر ص ٨٥ - ٨٧ و ١٠٥ و ١١٥ و ١١٧ - ١٢٢ ما يتعلق بالصحيفة التي كتبوها بينهم وأوضحنا أن الصحيفة التي ذكرت في مسانيدهم (مسند ابن حنبل ١ / ١٠٩ طبقات ابن سعد ٣ ق ١ / ٣١٩ شرح النهج ٣ / ١٤٧) ان عليا (عليه السلام) تمنى أن يلقى الله بها هي هذه الصحيفة الملعونة لا صحيفة أعمال عمر، وأما قصة العقبة وأن اثنى عشر رجلا من صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أرادوا أن ينفروا ناقته ليلة العقبة في تبوك، فقد جاء ذكرها و التصريح بها في صحاحهم ومسانيدهم راجع ص ٩٧ مما سبق وقد عرفت ص ١٠٠ من هذا الجزء أن أبا موسى الأشعري كان أحدهم والمرء يعرف بخليله.
أضف إلى: ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة على ما في منتخب كنز العمال ٥ / ٩١ باسناده عن أبي الطفيل قال: كان بين حذيفة وبين رجل من أهل العقبة بعض ما يكون بين الناس، قال: أنشد الله كم كان أصحاب العقبة، فقال أبو موسى الأشعري: قد كنا نخبر أنهم أربعة عشر فقال حذيفة: فان كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر، أشهد بالله أن أثنى، عشر منهم حرب لله و لرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد.
وما أخرجه ابن عدي في الكامل وابن عساكر في التاريخ على ما في منتخب كنز العمال ٥ / 234 بالاسناد عن أبي نجاء حكيم قال: كت جالسا مع عمار فجاء أبو موسى فقال: مالي ولك؟ ألست أخاك؟ قال: ما أدرى ولكن سمعت رسول الله يلعنك ليلة الجبل، قال: انه استغفر لي، قال عمار، قد شهدت اللعن ولم أشهد الاستغفار.
والاستغفار الذي ذكره أبو موسى الأشعري هو ما رووه عن رسول الله أنه قال: " اللهم إنما أنا بشر، فأيما عبد من المؤمنين دعوت عليه دعوة فاجعلها له زكاة ورحمة " وهذا مختلق قطعا، فان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن ليدعو على أحد من دون استحقاق لمكان عصمته ص وعلمه ببواطن الامر.
نعم قد أشاعوا هذه الرواية عن رسول الله ليلجموا أفواه رجال الحق عن أنفسهم، و لذلك ترى عبد الله بن عثمان بن خيثم يقول: " دخلت على أبى الطفيل فوجدته طيب النفس، فقلت: لأغتنمن ذلك منه، فقلت يا أبا الطفيل! النفر الذين لعنهم رسول الله من بينهم من هم (من هم سمهم من هم) فهم أن يخبرني بهم، فقالت له امرأته سودة: مه يا أبا الطفيل! أما بلغك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد من المؤمنين دعوت عليه دعوة، فاجعلها له زكاة ورحمة "؟ رواه أحمد في مسنده 5 / 454، والهيثمي في زوائده 1 / 111 بل وروى الشارح نفسه في أبى موسى الأشعري 3 / 292 بعد ما نقل عن الاستيعاب أنه كان واليا لعثمان على الكوفة " فلما قتل عثمان عزله على (عليه السلام) عنها فلم يزل واجدا لذلك على على (عليه السلام) حتى جاء منه ما قال حذيفة فيه، فقد روى حذيفة فيه كلاما كرهت ذكره والله يغفر له " قال الشارح: قلت: الكلام الذي أشار إليه أبو عمر بن عبد البر، ولم يذكره، قوله فيه وقد ذكر عنده بالدين: " أما أنتم فتقولون ذلك، وأما أنا فأشهد أنه عدو لله ولرسوله وحرب لهما في الحياة الدنيا يوم الدنيا ويوم يقوم الاشهاد، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار، وكان حذيفة عارفا بالمنافقين أسر إليه رسول الله أمرهم و أعلمه أسماءهم.
قال: وروى أن عمارا سئل عن أبي موسى فقال: لقد سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما سمعته يقول: صاحب البرنس الأسود، ثم كلح كلوحا علمت منه أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط.