المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، فقد فاز من نهض بجناح، أو استسلم فارتاح، ماء آجن، ولقمة يغص بها آكلها، أجدر بالعاقل من لقمة تخشى بزنبور، ومن شربة تلذ بها شاربه مع ترك النظر في عواقب الأمور، فان أقل يقولوا حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا جزع من الموت، هيهات هيهات بعد اللتيا واللتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدى أمه، ومن الرجل بأخيه وعمه، ولقد اندمجت على علم لو بحت به لاضطربتم الأرشية في الطوى البعيدة، وذكر لاما كثيرا (1).
بيان: هذا الكلام أورده السيد رضي الله عنه في نهج البلاغة بأدنى تغيير (2) وقال ابن ميثم رحمه الله: (3) سبب هذا الكلام ما روى أنه لما تم في السقيفة أمر البيعة لأبي بكر، أراد أبو سفيان أن يوقع الحرب بين المسلمين، فمضى إلى العباس فقال له: إن هؤلاء ذهبوا بهذا الامر من بني هاشم، وإنه ليحكم فينا غدا هذا الفظ الغليظ من بني عدي، فقم بنا إلى علي (عليه السلام) حتى نبايعه بالخلافة وأنت عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا رجل مقبول القول في قريش، فان دافعونا قاتلناهم وقتلناهم، فأتيا أمير المؤمنين (عليه السلام): فأجابهم صلوات الله عليه بهذا الكلام.
قوله (عليه السلام): " شقوا " أي اخرجوا من بين أمواج الفتن بما يوجب النجاة منها من المصالح الواقعية، لا بما يورث تكثير الفتنة، فشبه الفتن بالأمواج والسفن بما يوجب النجاة منها، وقيل أريد بالسفن هنا أهل البيت عليهم السلام ومتابعتهم كما قال (صلى الله عليه وآله): " مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح " قوله: " وعرجوا " التعريج على الشئ الإقامة عليه، وعن الشئ تركه، والمراد بوضع تيجان المفاخرة ترك لبسها، كناية عن ترك التعظم والتكبر والتوجه إلى ما هو صلاح الدين والمسلمين قوله: " فقد فاز " في النهج " أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح " وقال ابن أبي .