زعموا أنهم على الرشد من غيهم، وإلى من يفزع خلف هذه الأمة وقد درست أعلام الملة ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف، يكفر بعضهم بعضا؟! والله تعالى يقول:
(ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات (1)) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة وتأويل الحكمة إلا أهل الكتاب وأبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة؟ هل تعرفونهم أو تجدونهم إلا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في الكتاب؟
هم العروة الوثقى وهم معدن التقى * وخير جبال العالمين ونيقها (2).
53 - ومن مناقب الخوارزمي عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا علي لو أن عبدا عبد الله مثل ما قام نوح في قومه وكان له مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله ومد في عمره حتى حج ألف عام على قدميه ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوما ثم لم يوالك يا علي لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها (3).
بيان: المخائل جمع المخيلة وهي موضع الخيل وهو الظن، أي أخذوا أنفسهم في أمور هي مظنة الرهبانية المبتدعة، أي يخالفون السنة في إتعاب أنفسهم. ويقال:
تفسخ الفصيل تحت الحمل الثقيل: إذا لم يطقه. والحاشية: صغار الإبل، والأوارق جمع أورق وهو من الإبل ما في لونه بياض إلى سواد، وفي أكثر النسخ: أوراق البزل ولعله تصحيف، وفي بعضها: ورق، وهو أيضا بالضم جمع الأورق وهو أظهر لشيوع هذا الجمع. والبزل كركع ويخفف جمع بازل وهو جمل أو ناقة طلع نابهما، وذلك في السنة التاسعة.
والحاصل أنه شبه عليه السلام ضعفهم عن إقامة السنن ونفورهم عنها لألفهم بالبدع بناقة صغيرة ضرب عليها فحل قوي بازل لا تطيقه فتمتنع منه، والأصوب أنه أرواق