وبقوله: ﴿الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم﴾ (1) وللايمان حالات ومنازل يطول شرحها.
ومن ذلك أن الايمان قد يكون على وجهين: إيمان بالقلب، وإيمان باللسان كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لما قهرهم السيف (2) وشملهم الخوف فإنهم آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، فالايمان بالقلب هو التسليم للرب ومن سلم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره كما استكبر إبليس عن السجود لآدم واستكبر أكثر الأمم عن طاعة أنبيائهم فلم ينفعهم التوحيد كما لم ينفع إبليس ذلك السجود الطويل، فإنه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام لم يرد بها غير زخرف الدنيا والتمكين من النظرة، فلذلك لا تنفع الصلاة والصدقة إلا مع الاهتداء إلى سبيل النجاة وطريق الحق (3).
21 - علل الشرائع: ماجيلويه عن عمه عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن صباح المدائني (4) عن المفضل بن عمر أن أبا عبد الله عليه السلام كتب إليه كتابا فيه: إن الله عز - وجل لم يبعث نبيا قط يدعو إلى معرفة الله ليس معها طاعة في أمر ولا نهي، وإنما يقبل الله من العباد العمل بالفرائض التي افترضها (5) الله على حدودها مع معرفة من دعا إليه، ومن أطاع حرم الحرام ظاهره وباطنه (6) وصلى وصام وحج واعتمر وعظم حرمات الله كلها لم يدع منها شيئا وعمل بالبر كله ومكارم الأخلاق كلها وتجنب سيئها.