بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٩٨
فلما انتهى إليه رسول الله صلى الله عليه وآله خنقته العبرة وقال: لأمثلن بسبعين من قريش فأنزل الله سبحانه: " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم (1) به " الآية، فقال:
بل أصبر. وقال: من ذلك الرجل الذي تغسله الملائكة في سفح الجبل؟ فسألوا امرأته فقالت: إنه خرج وهو جنب، وهو حنظلة بن أبي عامر الغسيل.
قال أبان: وحدثني أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله رجل من أصحابه يقال له: قزمان بحسن معونته لاخوانه وذكوه، فقال صلى الله عليه وآله إنه من أهل النار، فاتي رسول الله صلى الله عليه وآله وقيل: إن قزمان استشهد، فقال:
يفعل الله ما يشاء (2)، ثم أتي فقيل: إنه قتل نفسه، فقال: أشهد أني رسول الله، قال: وكان قزمان قاتل قتالا شديدا، وقتل من المشركين ستة أو سبعة، فأثبتته الجراح، فاحتمل إلى دور بني ظفر، فقال له المسلمون: أبشر يا قزمان فقد أبليت اليوم، فقال. بم تبشرون؟ فوالله ما قاتلت إلا عن أحساب قومي، ولولا ذلك ما قاتلت، فلما اشتدت عليه الجراحة جاء إلى كنانته فأخذ منها مشقصا (3) فقتل به نفسه.
قال: وكانت امرأة من بني النجار قتل أبوها وزوجها وأخوها مع رسول الله صلى الله عليه وآله فدنت من رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون قيام على رأسه، فقال (4) لرجل:
أحي رسول الله؟ قال: نعم، قالت: أستطيع أن أنظر إليه؟ قال: نعم، فأوسعوا لها فدنت منه وقالت: كل مصيبة جلل بعدك، ثم انصرفت.
قال: وانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة حين دفن القتلى فمر بدور بني الأشهل وبني ظفر، فسمع بكاء النوائح على قتلاهن، فترقرقت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى، ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له اليوم، فلما سمعها سعد بن معاذ

(١) النحل: ١٢٥.
(2) ثم اتى فقيل: يا رسول الله ان قزمان استشهد، فقال: يفعل الله ما يشاء.
(3) المشقص: نصل عريض أو سهم فيه نصل عريض.
(4) هكذا في النسخ، والصحيح كما في المصدر: قالت.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست