بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٦٧
فأرسلوا إليه سهيل بن عمر وحويطب بن عبد العزى، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فأثيرت في وجوههم البدن، فقالا: مجئ من جئت؟ قال: " جئت لأطوف بالبيت، وأسعى بين الصفا والمروة، وأنحر البدن، وأخلي بينكم وبين لحمانها " فقالا: إن قومك يناشدونك الله والرحم أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم، وتقطع أرحامهم، وتجرئ عليهم عدوهم، قال: فأبى عليهما رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يدخلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أراد أن يبعث عمر (1) فقال: يا رسول الله إن عشيرتي قليل وإني فيهم على ما تعلم، ولكني أدلك على عثمان بن عفان، فأرسل إليه رسول الله فقال:
" انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة " (2) فلما انطلق عثمان لقى أبان بن سعيد فتأخر عن السرج (3)، فحمل (4) عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم، وكانت المناوشة، فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس عثمان في عسكر المشركين، وبايع رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين وضرب بإحدى يديه على الأخرى لعثمان، وقال المسلمون: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ما كان ليفعل " فلما جاء عثمان قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " أطفت بالبيت؟ " فقال: ما كنت لأطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يطف به، ثم ذكر القضية (5) وما كان فيها.

(1) ذكر ذلك أيضا أصحاب السير في كتبهم. فتراه في حاله هذا لا يجرء على أن يأتي قريش، ويبلغهم رسالة النبي صلى الله عليه وآله ويقول صريحا كما في سيرة ابن هشام: " إني أخاف قريشا على نفسي " ولكن حين يرى أنه التأم أمر الصلح يثب ويرفع عقيرته ويقول للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله: ألست برسول الله؟ ألسنا بالمسلمين؟ أو ليسوا بالمشركين؟ فعلام نعطى الدنية في ديننا؟! هذا دأب الخليفة الثاني، يجبن في مواطن تحتاج إلى التجرؤ والشجاعة، ويتشجع في موطن تصلح فيه المداراة والأناة.
(2) في السيرة: بعثه إلى أبي سفيان اشراف قريش يخبرهم انه لم يأت لحرب، وانه إنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما له.
(3) في المصدر: عن السرح. أقول أي عن الماشية.
(4) وحمل خ ل.
(5) القصة خ ل. أقول: يوجد ذلك في المصدر.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست