بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٦٣
علي، فقال المسلمون: لا نرده، فقام صلى الله عليه وآله وأخذ بيده فقال: " اللهم إن كنت تعلم أن أبا جندل لصادق فاجعل له فرجا ومخرجا " ثم أقبل على الناس وقال: " إنه ليس عليه بأس إنما يرجع إلى أبيه وأمه، وإني أريد أن أتم لقريش شرطها " ورجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وأنزل الله في الطريق سورة الفتح: " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ".
قال الصادق عليه السلام: فما انقضت تلك المدة حتى كاد الاسلام يستولي على أهل مكة، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة انفلت أبو بصير بن أسيد بن حارثة الثقفي من المشركين، وبعث الأخنس بن شريق في أثره رجلين فقتل أحدهما، و أتى رسول الله صلى الله عليه وآله مسلما مهاجرا، فقال: " مسعر (1) حرب لو كان معه واحد " ثم قال: " شأنك بسلب (2) صاحبك واذهب حيث شئت " فخرج أبو بصير ومعه خمسة نفر كانوا قدموا معه مسلمين حتى كانوا بين العيص وذي المروة من أرض جهينة على طريق عيرات قريش مما يلي سيف البحر، وانفلت أبو جندل بن عمرو في سبعين راكبا (3) أسلموا فلحق بأبي بصير، واجتمع إليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها، فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يسألونه ويتضرعون إليه أن يبعث إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهم فيقدموا عليه، وقالوا: من خرج منا إليك فامسكه غير حرج أنت فيه، فعلم الذين كانوا أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يمنع أبا جندل من أبيه بعد القصة أن طاعة (4) رسول الله صلى الله عليه وآله خير لهم فيما أحبوا وفيما

(1) أسعر النار: أشعلها، أي مشعل نار الحرب وموقدها. وفى السيرة والامتاع: " ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال " أقول: محش حرب أي موقدها ومهيجها.
(2) السلب: ما يسلب من القتيل. أقول قدم أبو بصير سلبه ليخمسه رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقبله وقال: انى إذا خمسته رأوا انى لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه، ولكن شأنك بسلب صاحبك.
(3) في المصدر: في سبعين رجلا راكبا.
(4) في المصدر: ان إطاعة.
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»
الفهرست