علي، فقال المسلمون: لا نرده، فقام صلى الله عليه وآله وأخذ بيده فقال: " اللهم إن كنت تعلم أن أبا جندل لصادق فاجعل له فرجا ومخرجا " ثم أقبل على الناس وقال: " إنه ليس عليه بأس إنما يرجع إلى أبيه وأمه، وإني أريد أن أتم لقريش شرطها " ورجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وأنزل الله في الطريق سورة الفتح: " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ".
قال الصادق عليه السلام: فما انقضت تلك المدة حتى كاد الاسلام يستولي على أهل مكة، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة انفلت أبو بصير بن أسيد بن حارثة الثقفي من المشركين، وبعث الأخنس بن شريق في أثره رجلين فقتل أحدهما، و أتى رسول الله صلى الله عليه وآله مسلما مهاجرا، فقال: " مسعر (1) حرب لو كان معه واحد " ثم قال: " شأنك بسلب (2) صاحبك واذهب حيث شئت " فخرج أبو بصير ومعه خمسة نفر كانوا قدموا معه مسلمين حتى كانوا بين العيص وذي المروة من أرض جهينة على طريق عيرات قريش مما يلي سيف البحر، وانفلت أبو جندل بن عمرو في سبعين راكبا (3) أسلموا فلحق بأبي بصير، واجتمع إليهم ناس من غفار وأسلم وجهينة حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها، فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يسألونه ويتضرعون إليه أن يبعث إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهم فيقدموا عليه، وقالوا: من خرج منا إليك فامسكه غير حرج أنت فيه، فعلم الذين كانوا أشاروا على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يمنع أبا جندل من أبيه بعد القصة أن طاعة (4) رسول الله صلى الله عليه وآله خير لهم فيما أحبوا وفيما