بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢١
يقول: " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " فعلى هذا يمكن أن يكون صلى الله عليه وآله على وجل من عنادهم وإصرارهم على الكفر، فأخبر سبحانه أنه ليس إليه إلا ما أمر به من تبليغ الرسالة ودعائهم إلى الهدى، وذلك مثل قوله تعالى: " فلعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين (1) " وقيل: إنه صلى الله عليه وآله استأذن ربه تعالى في يوم أحد في الدعاء عليهم فنزلت الآية، فلم يدع عليهم بعذاب الاستيصال، وإنما لم يؤذن له فيه لما كان المعلوم من توبة بعضهم، وقيل: أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يدعو على المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد فنهاه الله عن ذلك وتاب عليهم أي (2) ليس لك أن تلعنهم وتدعو عليهم، وقيل: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله (3) ما فعل بأصحابه وبعمه حمزة من المثلة من جدع الأنوف والآذان وقطع المذاكير قال (4): " لئن أدالنا الله منهم لنفعلن بهم مثل ما فعلوا ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلهم أحد من العرب بأحد قط " فنزلت الآية، وقيل: نزلت في أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من قراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وأميرهم المنذر بن عمرو، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم، فقتلهم جميعا عامر بن الطفيل، وكان فيهم عامر بن فهيرة مولى أبي بكر، فوجد رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك وجدا شديدا وقنت عليهم شهرا فنزلت، والأصح أنها نزلت في أحد، وإنما قال: " ليس لك من الامر شئ " مع أن له صلى الله عليه وآله أن يدعوهم إلى الله ويؤدي إليهم ما أمره بتبليغه، لان معناه ليس لك شئ من أمر عقابهم أو استيصالهم أو الدعاء عليهم أو لعنهم حتى يقع (5) إنابتهم " أو يتوب عليهم " أي يلطف لهم بما يقع معه توبتهم، أو يقبل توبتهم إذا تابوا

(1) هكذا في النسخ، والصحيح (لعلك) راجع سورة الشعراء: 2.
(2) زاد في المصدر: ونزلت الآية: " ليس لك من الامر شئ " أي.
(3) زاد في المصدر: والمؤمنون.
(4) في المصدر: قالوا.
(5) في المصدر: حتى تقع.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست