بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٥٢
ثم أخذ منها سهما فوضعه في كبد قوسه، وقال: أحلف بالله لا يدنو اليوم منها رجل إلا وضعت فيه سهما، فتكركر الناس عنه، قال: وجاء أبو سفيان بن حرب في جلة قريش فقالوا: أيها الرجل اكفف عنا نبلك حتى نكلمك، فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه، فقال: إنك لم تحسن ولم تصب، خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية جهارا، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد أبيها فيظن الناس إذا أنت خرجت بابنته جهارا أن ذلك عن ذل أصابنا، وإن ذلك منا وهن وضعف، لعمري ما لنا في حبسها عن أبيها من حاجة، وما فيها من ثار (1)، ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدث الناس بردها سلها سلا خفيا (2) فألحقها بأبيها، فردها كنانة إلى مكة فأقامت بها ليالي حتى إذا هدأ الصوت عنها حملها بعيرها (3)، وخرج بها ليلا حتى سلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه، فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال البلاذري: روي أن هبار بن الأسود كان ممن عرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حين حملت من مكة إلى المدينة، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأمر سراياه إن ظفروا به أن يحرقوه بالنار، ثم قال: " لا يعذب بالنار إلا رب النار " وأمرهم إن ظفروا به أن يقطعوا يديه ورجليه ويقتلوه (4)، فلم يظفروا به حتى إذا كان يوم الفتح هرب هبار، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة ويقال: أتاه بالجعرانة حين فرغ من أمر حنين، فمثل بين يديه وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله صلى الله عليه وآله فقبل إسلامه.
قال محمد بن إسحاق فأقام أبو العاص بمكة على شركه، وأقامت زينب عند

(1) في السيرة وتاريخ الطبري: وما لنا في ذلك من ثؤرة.
(2) في السيرة وتاريخ الطبري: فسلها سرا.
(3) في المصدر: حملها على بعيرها.
(4) روى نحوه ابن هشام في السيرة 2: 302 وفيه: ان ظفرتم بهبار بن الأسود أو الرجل الاخر الذي سبق معه إلى زينب فحرقوهما بالنار اه‍ قال ابن هشام: وقد سمى ابن إسحاق الرجل في حديثه وقال: هو نافع بن عبد قيس. راجعه.
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»
الفهرست