بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٤١
لعمرو الله (1) فأعولته، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله من بدر جاءت أمه إليه فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد عرفت موضع حارثة من قلبي (2) فأردت أن أبكي عليه، ثم قلت:
لا أفعل حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله عنه، فإن كان في الجنة لم أبكه، وإن كان في النار بكيته فأعولته، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " هبلت، أجنة واحدة؟ إنها جنان كثيرة، والذي نفسي بيده إنه لفي الفردوس الاعلى " قالت: لا أبكي عليه أبدا، قال: و دعا رسول الله صلى الله عليه وآله حينئذ بماء في إناء فغمس يده فيه ومضمض فاه، ثم ناول أم حارثة بن سراقة فشربت ثم ناولت ابنتها فشربت، ثم أمرهما فنضحتا في جيوبهما، ثم رجعتا من عند النبي صلى الله عليه وآله وما بالمدينة امرأتان أقر عينا منهما ولا أسر.
قال الواقدي: فلما رجعت قريش إلى مكة قام فيهم أبو سفيان بن حرب فقال: يا معشر قريش لا تبكوا على قتلاكم، ولا تنح عليهم نائحة، ولا يندبهم شاعر وأظهروا الجلد والعزاء فإنكم إذا نحتم عليهم نائحة وبكيتموهم بالشعر أذهب ذلك غيظكم فأكلكم عن عداوة محمد وأصحابه، مع أن محمدا وأصحابه إن بلغهم ذلك شمتوا بكم فتكون أعظم المصيبتين، ولعلكم تدركون ثاركم، فالدهن والنساء علي حرام حتى أغزو محمدا، فمكث (3) قريش شهرا لا يبكيهم شاعر، ولا تنوح عليهم نائحة، ومشت نساء من قريش إلى هند بنت عتبة فقلن: ألا تبكين على أبيك وأخيك وعمك وأهل بيتك؟ فقالت: حلاقي (4) أنا أبكيهم فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بنا ونساء بني الخزرج، لا والله حتى أثار محمدا وأصحابه، والدهن علي حرام ان دخل رأسي حتى نغزو محمدا، والله لو أعلم أن الحزن يذهب من قلبي لبكيت، ولكن لا يذهبه إلا أن أرى ثاري بعيني من قتلة الأحبة، فمكثت على حالها لا تقرب الدهن ولا قربت فراش

(1) في المصدر: لعمر الله. وهو الصحيح.
(2) في المصدر: في قلبي.
(3) في المصدر: فمكثت قريش.
(4) حلافي خ ل أقول: في المصدر: حلافى أن ابكيهم.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست