بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٥٠
استوهب رسول الله صلى الله عليه وآله فداء أبي العاص؟ أتراه لو قال: هذه بنت نبيكم صلى الله عليه وآله قد حضرت لطلب هذه النخلات أفتطيبون عنها نفسا؟ كانوا منعوها ذلك؟ فقلت له:
قد قال قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد: نحو ذلك، قال: إنهما لم يأتيا بحسن في شرع التكرم، وإن كان ما أتياه حسنا في الدين.
قال محمد بن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لما أطلق سبيل أبي العاص أخذ عليه فيما نرى أو شرط عليه في إطلاقه أو أن أبا العاص وعد رسول الله صلى الله عليه وآله ابتداء بأن يحمل زينب إليه إلى المدينة، أو لم يظهر ذلك من أبي العاص ولا من رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنه لما خلى سبيله وخرج إلى مكة بعث رسول الله صلى الله عليه وآله بعد زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار وقال لهما: كونا بمكان كذا (1) حتى تمر بكما زينب فتصحبانها حتى تأتياني بها، فخرجا نحو مكة وذلك بعد بدر بشهر، فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها، فأخذت تتجهز.
قال محمد بن إسحاق: فحدثت عن زينب أنها قالت: بينا أنا أتجهز للحوق بأبي إذ لقيتني هند بنت عتبة فقالت: ألم تبلغني (2) يا بنت محمد أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ فقلت: ما أردت ذلك، فقالت: أي بنت عم لا تفعلي إن كانت لك حاجة في متاع أو فيما يرفق (3) بك في سفرك أو مال تبلغين به إلى أبيك فإن عندي حاجتك، فلا تضطني مني، فإنه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال، قالت: وأيم الله إني لأظنها حينئذ صادقة، ما أظنها قالت حينئذ إلا لتفعل، ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك، قالت: وتجهزت حتى فرغت من جهازي، فحملني أخو بعلي وهو كنانة بن الربيع.
قال محمد بن إسحاق: قدم لها كنانة بن الربيع بعيرا فركبته، وأخذ قوسه و كنانته، وخرج بها نهارا يقود بعيرها وهي في هودج لها، وتحدث بذلك الرجال من

(1) في السيرة: كونا ببطن يأجج.
(2) في المصدر: ألم يبلغني.
(3) في السيرة: ان كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق.
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست