قال: هل مسحتما سيفكما (1)؟ قالا: لا، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله في السيفين فقال:
كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو، وهما معاذ بن عمرو ومعاذ بن عفراء.
وفي رواية أن معاذ بن عفراء ضرب أبا جهل هو وأخوه عوف بن الحارث حتى أثبتاه، فعطف عليهما فقتلهما، ثم وقع صريعا فدفف (2) عليه ابن مسعود (3).
83 - أقول: قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال الواقدي:
بلغ رسول الله أن عير قريش فصلت من مكة تريد الشام، وقد جمعت قريش فيها أموالها، فندب لها أصحابه، وخرج يعترضها على رأس ستة عشر شهرا من مهاجره فخرج في خمسين ومائة، ويقال: في مائتين، ولم يلق العير وفاتته ذاهبة إلى الشام، وهذه غزاة ذي العشيرة رجع منها إلى المدينة ولم يلق حربا، فلما تحين انصراف العير من الشام قافلة ندب أصحابه لها وبعث طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر ليال يتجسسان خبر العير، وندب رسول الله المسلمين و قال: هذه عير قريش فيها أموالهم، لعل الله أن يغنمكموها، فأسرع من أسرع حتى أن كان الرجل ليساهم أباه في الخروج، فكان ممن ساهم أباه سعد بن خيثمة، فخرج سهم سعد فقتل ببدر، وأبطأ عن النبي صلى الله عليه وآله كثير من أصحابه، وكرهوا خروجه، وكان في ذلك كلام كثير واختلاف، وتخلف بعضهم من أهل النيات والبصائر لم يظنوا أنه يكون قتال إنما هو الخروج للغنيمة، ولو ظنوا أنه يكون قتال لما تخلفوا، منهم أسيد بن حضير، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى المكان المعروف بالبقع (4) وهي بيوت السقيا، وهي متصلة ببيوت المدينة، فضرب عسكره هناك وعرض