بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣٢٧
صلى الله عليه وآله: بلى قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين علي وعلي عيالي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني، والله حائل بيني وبينك، فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا نكذبك، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا و صفوان، فوالله إني لاعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للاسلام، و ساقني هذا المساق، ثم تشهد شهادة الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فقهوا أخاكم في دينه، وعلموه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا، ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدا في إطفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله، وإني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله وإلى الاسلام، لعل الله أن يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم، فأذن له، فلحق بمكة، وكان صفوان حين خرج عمير يقول لقريش: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره بإسلامه، فحلف أن لا يكلمه أبدا، ولا ينفعه بنفع أبدا، فلما قدم مكة أقام بها يدعو إلى الاسلام ويؤدى من خالفه، فأسلم على يديه ناس كثيرة.
وروى بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع أقوى منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم، وما حاجتك إليه يا بن أخي؟ قال: بلغني أنه سب رسول الله صلى الله عليه وآله، والذي نفسي بيده لو رأيته لم يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فغمزني الآخر فقال لي: مثلها، فتعجبت لذلك، فلم أنشب (1) أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، فقلت لهما: الا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه بسيفيهما فاستقبلهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبراه، فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته،

(1) أي لم ألبث.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست