بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٢٥٢
ملجأ إلا سيوفهم، وما أراهم يولون حتى يقتلوا، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم (1) فارتأوا رأيكم، فقال أبو جهل: كذبت وجبنت وانتفخ سحرك حين نظرت إلى سيوف أهل يثرب، وفزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظروا إلى كثرة قريش وقوتهم فأنزل الله تعالى على رسوله: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " وقد علم الله أنهم لا يجنحون ولا يجيبون إلى السلم، وإنما أراد بذلك لتطيب قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قريش فقال: يا معشر (2) قريش ما أحد من العرب أبغض إلي من أن أبدأ بكم فخلوني والعرب، فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا، وإن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري فارجعوا، فقال عتبة:
والله ما أفلح قوم قط ردوا هذا، ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله يجول في العسكر وينهى عن القتال، فقال: إن يكن عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر إن يطيعوه يرشدوا، فأقبل عتبة يقول: يا معشر قريش اجتمعوا واسمعوا ثم خطبهم فقال: يمن مع رحب، فرحب مع يمن (3)، يا معشر قريش أطيعوني اليوم، واعصوني الدهر، وارجعوا إلى مكة واشربوا الخمور، وعانقوا الحور، فإن محمدا له إل وذمة وهو ابن عمكم فارجعوا ولا تردوا رأيي (4)، وإنما تطالبون محمدا بالعير التي أخذها محمد بنخلة ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلي عقله، فلما سمع أبو جهل ذلك غاظه وقال: إن عتبة أطول الناس لسانا، وأبلغهم في الكلام، ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر، ثم قال:
يا عتبة نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب وجبنت وانتفخ سحرك، وتأمر الناس بالرجوع، وكان على فرس فأخذ بشعره، فقال الناس: يقتله، فعرقب فرسه، فقال: أمثلي يجبن؟ وستعلم قريش اليوم أينا الألئم والأجبن، وأينا المفسد لقومه، لا يمشي

(1) بقدرهم خ ل.
(2) يا معاشر خ ل.
(3) ورحب مع يمن.
(4) آرائى خ ل.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست