من أن هبط (1) جزيرة، وإذا فيها من الشجر والثمار وعين عذبة (2)، من ماء، فدهشت فوقف وأومأ إلي أن انزل، فنزلت فبقي واقفا حذاي ينظر، فأخذت من تلك الثمار و أكلت، وشربت من ذلك الماء فرويت، فعمدت إلى ورقة فجعلتها لي مئزرا واتزرت بها، وتلحفت بأخرى وجعلت ورقة شبيها بالمزود فملأتها من تلك الثمار، وبللت الخرقة التي كانت معي لأعصرها إذا احتجت إلى الماء فأشربه، فلما فرغت مما أردت أقبل إلي فطأطأ ظهره، ثم أومأ إلي: أن اركب، فلما ركبت أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الذي أقبلت منه، فلما جزت على البحر (3) إذا مركب سائر في البحر، فلوحت لهم، فاجتمع أهل المركب يسبحون ويهللون ويرون رجلا راكبا أسدا، فصاحوا يا فتى من أنت أجني أم إنسي؟ قلت: أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، رعى الأسد في حق (4) رسول الله ففعل ما ترون، فلما سمعوا ذكر رسول الله حطوا الشراع وحملوا رجلين في قارب صغير، ودفعوا إليهما ثيابا فجاءا إلي، ونزلت من الأسد، ووقف ناحية مطرقا ينظر ما أصنع، فرميا إلي بالثياب وقالا: ألبسها فلبستها فقال أحدهما: اركب ظهري حتى أحملك إلى القارب (5) أيكون السبع أرعى لحق رسول الله من أمته، فأقبلت على الأسد فقلت: جزاك الله خيرا عن رسول الله، فوالله لنظرت إلى دموعه تسيل على خده ما يتحرك، حتى دخلت القارب وأقبل يلتفت (6) إلي ساعة (7) حتى غبنا عنه (8).
بيان: انتسفه:، قلعه، والزئير: صوت الأسد من صدره، والخبب بالتحريك: