فقد غاب مهدي آل محمد، وسيظهر أمره كما ظهر أمره، وأكثر ما ذكرناه يجري مجرى المعجزات، وفيها ما هو معجزة وإن قلب الله لموسى عليه السلام العصا حية فمحمد صلى الله عليه وآله دفع إلى عكاشة بن محصن يوم بدر لما انقطع سيفه قطعة حطب فتحول سيفا في يده (1)، ودعا الشجرة فأقبلت نحوه تخد الأرض (2)، وإن كان موسى عليه السلام ضرب الأرض بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فمحمد صلى الله عليه وآله كان ينفجر الماء من بين أصابعه، وانفجار الماء من اللحم والدم أعجب من خروجه من الحجر، لان ذلك معتاد (3)، وقد أخرج أوصياؤه من الجب الذي لا ماء فيه الماء إلى رأسه حتى شرب الناس منه (4)، وقال: إن المهدي من ولده يفعل مثل ذلك عند خروجه من مكة إلى الكوفة، وإن ضرب موسى بعصاه البحر فانفلق فكان آية محمد صلى الله عليه وآله لما خرج إلى خيبر إذا هو بواد يشخب فقدروه أربع عشر قامة والعدو من ورائهم، قال الناس: إنا لمدركون، قال: كلا، فدعا فعبرت الإبل والخيل على الماء لا تندى (5) حوافرها وأخفافها، ولما عبر عمرو بن معدي كرب بعسكر الاسلام في البحر بالمدائن كان كذلك، وإن موسى عليه السلام قد أتى فرعون بألوان العذاب من الجراد والقمل والضفادع والدم فرسولنا قد أتى بالدخان على المشركين، وهو ما ذكره الله في قوله: " يوم تأتي السماء بدخان مبين (6) " وما أنزل الله على الفراعنة يوم بدر، وما أنزل الله على المستهزئين بعقوبات تستأصل في يوم أحد.
فأما تكليم الله لموسى عليه السلام فإنه كان على الطور، ورسولنا دنا فتدلى فكان قاب