الجن (1) " وقبض صلى الله عليه وآله على حلق جني فخنقه (2)، ومحاربة وصيه من الجن وقتله إياهم معروفة، وكذلك إتيانهم إلى أولاده المعصومين عليهم السلام لاخذ العلم منهم مشهور وإن سليمان عليه السلام سخرهم للأبنية والصنائع واستنباط القنى (3) ما عجز عنه جميع الناس ومحمد لم يحتج إلى هذه الأشياء، فلو أراد منهم ذلك لفعلوا، على أن مؤمني الجن يخدمون الأئمة عليهم السلام وأنهم عليهم السلام كانوا يبعثونهم في أمر يريدونه على العجلة، وأن الله سخر الملائكة المقربين لمحمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته وذريته الطاهرين عليهم السلام فقد كانوا ينصرون (4) محمدا، ويقاتلون بين يديه كفاحا، ويمنعون منه ويدفعون، وكذلك كانوا مع علي بن أبي طالب، ويكونون مع بقية آل محمد عليهم السلام على ما روي.
وإن سليمان عليه السلام كان يفهم كلام الطير ومنطقها، فكذلك نبينا كان يفهم منطق الطير، فقد كان في برية ورأي طيرا أعمى على شجرة، فقال للناس: إنه قال: يا ربي (5) إنني جائع، لا يمكنني أن أطلب الرزق، فوقع جرادة على منقاره فأكلها، وكذا فهم منطقها أهل بيته، وإن عيسى عليه السلام مر بكربلا فرأى ظباء فدعاها فقال: ههنا لا ماء ولا مرعى، فلم مقامكن فيها؟ قالت: يا روح الله إن الله ألهمنا أن هذه البقعة حرم الحسين عليه السلام فآوينا إليها، فدعا الله عيسى عليه السلام أن يبقى أثر (6) يعلم به آل محمد أن عيسى كان مساعدا لهم في مصيبتهم، فلما مر علي بن أبي طالب عليه السلام بها جعل يقول: ههنا مناخ ركابهم، وههنا مهراق دمائهم، فسأله ابن عباس عنه فأخبره بقتل الحسين عليه السلام فيها. وأن عيسى عليه السلام كان (7) ههنا ودعا، ومن قصته كيت وكيت، فاطلب بعرات تلك الظباء فإنها باقية، فوجدوا كثيرا من البعر قد صار مثل الزعفران، وإن الظباء نطقت مع محمد صلى الله عليه وآله وعترته في مواضع شتى.