بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٢٥٧
المخالف والمؤالف يروي أن من قال عندها: بحق علي يفور الماء من قعرها إلى رأسها، ولا يفور بذكر غيره وبحق غيره، وإن سور حلب من أصلب الحجارة فضربه علي بن أبي طالب بسيفه فأثره من فوقه إلى الأرض ظاهر، وإنه صلى الله عليه وآله لما خرج إلى صفين فكان (1) بينه وبين دمشق مأة فرسخ وأكثر وقد نزل ببرية فكان يصلي فيها، فلما فرغ ورفع رأسه من سجدة الشكر قال: أسمع صوت بوق التبريز لمعاوية من دمشق، فكتبوا التاريخ، فكان كما قال، وقد بني هناك مشهد يقال له: مشهد البوق، وبكى داود عليه السلام على خطيئته حتى سارت الجبال معه، ومحمد صلى الله عليه وآله قام إلى الصلاة فسمع لجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي (2) من شدة البكاء، وقد آمنه الله من عقابه فأراد أن يتخشع، وقام على أطراف أصابع رجليه عشر سنين حتى تورمت قدماه، واصفر وجهه من قيام الليل، فأنزل الله " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (3) " وكان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له:
أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا؟ وكذلك كانت غشيات علي بن أبي طالب وصية في مقاماته (4).
وإن سليمان عليه السلام سأل الله فاعطي ملكا لا ينبغي لاحد من بعده، ومحمد صلى الله عليه وآله عرضت عليه مفاتيح خزائن كنوز الأرض فأبى استحقارا لها، فاختار التقلل والقربى (5)، فآتاه الله الشفاعة والكوثر وهي أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة، فوعد الله له المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، وسار في ليلة إلى بيت المقدس ومنه إلى سدرة المنتهى، وسخر له الريح حتى حملت بساطه بأصحابه إلى غار أصحاب الهكف، وإن كان لسليمان عليه السلام غدوها شهر ورواحها شهر فكذلك كانت لأوصياء محمد، وسخرت له الجن، وآمنت به منقادة طائعة في قوله: " وإذ (6) صرفنا إليك نفرا من

(١) وكان خ ل.
(٢) الأثافي جمع الأثفية: الحجر توضع عليه القدر.
(٣) طه: ١.
(٤) خلا المصدر من قوله: وبحق غيره إلى هنا.
(٥) والقوت خ ل.
(٦) الأحقاف: ٢٩.
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390