قوسين أو أدنى، وقد كلمه الله هناك، وأما المن والسلوى والغمام واستضاءة الناس بنور سطع من يده فقد أوتي رسولنا ما هو أفضل منه، أحلت له الغنائم ولم تحل لاحد قبله، وأصاب أصحابه مجاعة في سرية بناحية البحر (1) فقذف البحر لهم حوتا فأكلوا منه نصف شهر، وقدموا بودكه (2)، وكان الجيش خلقا كثير ا، وكان يطعم الأنفس الكثيرة من طعام قليل، ويسقي الجماعة الجمة من شربة من لبن حتى يرتووا، وروى حمزة بن عمر الأسلمي قال: نفرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في ليلة ظلماء فأضاءت أصابعه لنا فانكشفت الظلمة وهذا أعجب مما كان لموسى عليه السلام وأما اليد البيضاء لموسى عليه السلام فقد أعطى (3) محمدا أفضل من ذلك، وهو أن نورا كان يضئ له أبدا عن يمينه وعن يساره حيثما جلس وقام، يراه (4) الناس، وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة يسطع من قبره، وكذا كان مع وصيه وأولاده المعصومين في حياتهم، والآن يكون يسطع من قبورهم (5)، وفي كل بقعة مر بها المهدي يرى نور ساطع، وإن موسى عليه السلام ارسل إلى فرعون فأراه الآية الكبرى ونبينا ارسل إلى فراعنة شتى، كأبي لهب، وأبي جهل، وشيبة، وعتبة ابني أبي ربيعة، وأبي ابن خلف، والوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل السهمي، والنضر بن الحارث وغيرهم، فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ولم يؤمنوا، وإن كان الله انتقم لموسى عليه السلام من فرعون فقد انتقم لمحمد صلى الله عليه وآله يوم بدر فقتلوا بأجمعهم والقوا في القليب، وانتقم له من المستهزئين فأخذهم بأنواع البلاء، وإن كان موسى عليه السلام صار عصاه ثعبانا فاستغاث فرعون منه رهبة فقد أعطى محمدا مثله لما جاء إلى أبي جهل شفيعا لصاحب الدين، فخاف أبو جهل وقضى دين الغريب (6)، ثم إنه عتب عليه (7) فقال: رأيت عن يمين محمد
(٢٥٥)