لو تمنوا لنقل (1) واشتهر فإن التمني ليس من عمل القلب ليخفى، بل هو أن يقول: ليت كذا، وإن كان بالقلب لقالوا: تمنينا، وعن النبي صلى الله عليه وآله: لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه، وما بقي على وجه الأرض يهودي (2).
وقال الطبرسي رحمه الله: هذه القصة شبيه بقصة المباهلة، وإن النبي صلى الله عليه وآله لما دعا النصارى إلى المباهلة امتنعوا لقلة ثقتهم بما هم عليه، وخوفهم من صدق النبي صلى الله عليه وآله لو باهلوني (3) لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا، فلما لم يتمن اليهود الموت افتضحوا، كما أن النصارى لما أحجموا (4) عن المباهلة افتضحوا، وظهر الحق انتهى (5):
قوله تعالى: " علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم " أقول: ظاهره أنهم كانوا يسرون خيانتهم ويخفونها فأبداها الله تعالى إذ نسبة الله تعالى هذا العلم إلى نفسه يدل على خفائها كما لا يخفى، فهذا أيضا من الاخبار بالغيب.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " قل للذين كفروا ستغلبون " أي قل لمشركي مكة ستغلبون يعني يوم بدر، وقيل لليهود فإنه صلى الله عليه وآله جمعهم بعد بدر في سوق بني قينقاع (6) فحذرهم أن ينزل بهم ما نزل بقريش، فقالوا: لا يغرنك أنك أصبت أغمارا لا علم لهم بالحرب، لئن قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس، فنزلت، وقد صدق الله وعده بقتل قريظة و إجلاء بني النظير، وفتح خيبر، وضرب الجزية على من عداهم، وهو من دلائل النبوة (7).
قوله تعالى: " قل اللهم مالك الملك " قال الطبرسي رحمه الله قيل: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة ووعد أمته ملك فارس والروم قالت المنافقون واليهود هيهات من أين لمحمد