بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١٦٨
من إنسكم وجنكم وآلهتكم غير الله، فإنه لا يقدر أن يأتي بمثله إلا الله، أو ادعوا من دون الله شهداء يشهدون لكم بأن ما آتيتم به مثله، ولا تستشهدوا بالله فإنه من ديدن المبهوت العاجز عن إقامة الحجة، أو شهدائكم الذين اتخذتموهم من دون الله أولياء أو آلهة وزعمتم أنها تشهد لكم يوم القيامة، أو الذين يشهدون لكم بين يدي الله على زعمكم ليعينوكم، وقيل: من دون الله أي من دون أولياء الله، يعني فصحاء العرب ووجوه الشاهد ليشهدوا لكم أن ما آتيتم به مثله " إن كنتم صادقين " أنه من كلام البشر (1).
وقال النيشابوري في قوله تعالى: " وضربت عليهم الذلة والمسكنة " أي أحيطت بهم كالقبة المضروبة على الشخص، أو ألصقت بهم كما يضرب الطين على الحائط، فاليهود صاغرون أذلاء أهل مسكنة، إما على الحقيقة، وإما لتصاغرهم وتفاقرهم خيفة أن تضاعف عليهم الجزية، وهذا من جملة الاخبار بالغيب الدال على كون القرآن وحيا نازلا من السماء.
أقول: وكذا قوله: " وإذا خلا بعضهم إلى بعض " ظاهر أن هذه الأخبار كان على وجه الاعجاز، إذ المنافقون كانوا يبذلون جهدهم في إخفاء أسرارهم، وإبداء إيمانهم، وعدم اطلاع المسلمين على بواطنهم، ولو كان هذا الخبر مخالفا للواقع لأنكروا أشد الانكار، وبينوا كذبه، وظهر على سائر الخلق بتفحص أحوالهم برأتهم من ذلك، ولأنكر معاندوه صلى الله عليه وآله ذلك عليه، وهذا بين من أحوال من يدعي أمرا لا يستأهل له، ويخبر بأمور لا حقيقة لها.
وقال البيضاوي: في قوله تعالى: " قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة " خاصة بكم كما قلتم لن يدخل الجنة إلا من كان هودا " من دون الناس " أي سائرهم أو المسلمين " فتمنوا الموت إن كنتم صادقين " لان من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها (2) كما قال علي عليه السلام " لا أبالي سقطت على الموت أو سقط الموت علي " ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم " من موجبات النار، وهذه الجملة إخبار بالغيب، وكان كما أخبر لأنهم

(1) أنوار التنزيل 1: 48 - 50.
(2) في المصدر: زيادة هي: وأحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390