لما ذكرنا من سقوط العمل بأخبار الآحاد، فكيف وقد بينا أن الرجل مجهول غير معروف، فهو متناقض باطل بما لا شبهة فيه عند العقلاء، ومن العجب بعد هذا كله أن خبر ذي اليدين يتضمن أن النبي صلى الله عليه وآله سها فلم يشعر بسهوه أحد من المصلين معه من بني هاشم والمهاجرين والأنصار ووجوه الصحابة وسادات الناس، ولا نظر إلى ذلك وعرفه إلا ذو اليدين المجهول الذي لا يعرفه أحد، ولعله من بعض الاعراب، أو أشعر القوم به فلم ينبهه أحد منهم على غلطه، ولا رأى صلاح الدين والدنيا بذكر ذلك له صلى الله عليه وآله إلا المجهول من الناس، ثم لم يكن يستشهد على صحة قول ذي اليدين فيما خبر به من سهوه إلا أبو بكر وعمر، فإنه سألهما عما ذكره ذو اليدين ليعتمد قولهما فيه، ولم يثق بغيرهما في ذلك، ولا سكن إلى أحد سواهما في معناه، وإن شيعيا يعتمد على هذا الحديث في الحكم على النبي صلى الله عليه وآله بالغلط والنقص وارتفاع العصمة عنه من العباد لناقص العقل، ضعيف الرأي، قريب إلى ذوي الآفات المسقطة عنهم التكليف، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.
هذا آخر ما وجدنا من تلك الرسالة، وكان المنتسخ سقيما، وفيما أورده رحمه الله مع متانته اعتراضات يظهر بعضها مما أسلفنا، ولا يخفى على من أمعن النظر فيها، والله الموفق للصواب.