الأول: أن المراد بأن هذا حكم قلبه عند نومه وعينيه في غالب الأوقات، وقد يندر منه غير ذلك كما يندر من غيره خلاف عادته، ويصحح هذا التأويل قوله في الحديث:
" إن الله قبض أرواحنا " وقول بلال فيه: " ما ألقيت على نومة مثلها قط " ولكن مثل هذا إنما يكون منه لأمر يريد الله من إثبات حكم وتأسيس سنة وإظهار شرع، وكما قال في الحديث الآخر: " ولو شاء الله لأيقظنا ولكن أراد أن يكون لمن بعدكم ".
والثاني: أن قلبه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث فيه، لما روي أنه كان ينام حتى ينفخ وحتى يسمع غطيطه، ثم يصلي ولم يتوضأ، وقيل: لا ينام من أجل أنه يوحى إليه في النوم وليس في قصة الوادي إلا نوم عينيه عن رؤية الشمس، وليس هذا من فعل القلب، وقد قال عليه السلام: " إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا ".
فإن قيل: فلولا عادته من استغراق النوم لما قال لبلال: اكلالنا الصبح فقيل في الجواب: إنه كان من شأنه صلى الله عليه وآله التغليس بالصبح، ومراعاة أول الفجر لا تصح ممن نامت عينه، إذ هو ظاهر يدرك بالجوارح الظاهرة، فوكل بلالا بمراعاة أوله ليعلم بذلك، كما لو شغل بشغل غير النوم عن مراعاته انتهى كلامه (1).
ولم نتعرض لما فيه من الخطأ والفساد لظهوره، ولنختم هذا الباب بإيراد رسالة وصلت إلينا تنسب إلى الشيخ السديد المفيد، أو السيد النقيب الجليل المرتضى قدس الله روحهما، وإلى المفيد أنسب، وهذه صورة الرسالة بعينها كما وجدتها.
بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله الذي اصطفى محمدا لرسالته، واختاره على علم للأداء عنه، وفضله على كافة خليقته، وجعله قدوة في الدين، وعصمه من الزلات، وبرأه من السيئات، وحرسه من الشبهات، وأكمل له الفضل، ورفعه في أعلى الدرجات، صلى الله عليه وآله الذين بمودتهم تنم الصالحات.
وبعد وقفت أيها الأخ وفقك الله لمياسير الأمور، ووقانا وإياك المعسور على ما كتبت به في معنى ما وجدته لبعض مشائخك بسنده إلى الحسن بن محبوب، عن الرباطي،