الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة، ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن، وأطيب رائحة من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة، وقنعتها بالأخرى، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن أبي رسول الله صلى الله عليه وآله سيد الأنبياء، وأن بعلي سيد الأوصياء، وأن ولدي سيد الأسباط، ثم سلمت عليهن، وسمت كل واحدة منهن باسمها، وضحكن إليها وتباشرت (1) الحور العين، وبشر أهل الجنة بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك اليوم، فلذلك سميت الزهراء عليها السلام، و قالت: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها، فتناولتها خديجة عليها السلام فرحة مستبشرة، فألقمتها ثديها، فشربت فدر عليها، وكانت عليها السلام تنمي في كل يوم كما ينمي الصبي في شهر، وفي شهر كما ينمي الصبي في سنة، صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها (2).
كتاب الدر النظيم مثل ما مر من الروايات كلها (3).
أقول: سيأتي أحوال فاطمة صلوات الله عليها وولادتها في المجلد العاشر، وأحوال سائر أولاد خديجة رضي الله عنها في باب أحوال أولاد النبي صلى الله عليه وآله.