سألت إلهي أن يمن بقربه * ويجمع شملي بالنبي محمد قال: وما زال الراهب كلما ذكر الحبيب أكثر النحيب إلى أن حال (1) منه النظر وزاد به الفكر، فعند ذلك أشرف بعض الرهبان، وقد أشرقت الأنوار من جبين النبي المختار، فنظر الرهبان إلى الأنوار وقد تلألأت من الركب، وقد أقبل من الفلا وأشرق (2) وعلا، تقدمهم سيد الأمم، وقد نشرت على رأسه الغمامة، فقالوا: يا أبا الرهبان (3) هذا ركب قد أقبل من الحجاز، فقال: يا أولادي وكم ركب قد أقبل وأتى وأنا أعلل نفسي بلعل وعسى؟ قالوا: يا أبانا قد رأينا نورا قد علا، فقال (4): الآن قد زال الشقاء، وذهب العناء، ثم رفع طرفه نحو السماء وقال: إلهي وسيدي ومولاي بجاه هذا المحبوب الذي زاد فيه تفكري إلا ما رددت علي بصري، فما استتم كلامه حتى رد الله عليه بصره، فقال الراهب للرهبان: كيف رأيتم جاه هذا المحبوب عند علام الغيوب، ثم أنشأ يقول:
بدا النور من وجه النبي فأشرقا * وأحيا محبا بالصبابة محرقا (5) وأبرأ عيونا قد عمين من البكاء * وأصبح من سوء المكاره مطلقا ترى هل ترى عيناي طلعة وجهه * وأصبح من رق الضلالة معتقا ثم قال: يا أولادي إن كان هذا النبي المبعوث في هذا الركب ينزل (6) تحت هذه الشجرة فإنها (7) تخضر وتثمر، فقد جلس تحتها عدة من الأنبياء، وهي من عهد عيسى ابن مريم عليه السلام يابسة، وهذه البئر لم نر فيها (8) ماء فإنه يأتي إليها ويشرب منها، فما كان