والعواد؟ وأين الطالبون والرواد؟ كل له (1) معاد، أقسم قس برب العباد، وساطح المهاد، وخالق سبع الشداد، سماوات بلا عماد، ليحشرن على الانفرد، وعلى قرب وبعاد، إذا نفخ في الصور، ونقر في الناقور، وأشرقت الأرض بالنور، فقد وعظ الواعظ، وانتبه القايظ (2)، وأبصر اللاحظ، ولفظ اللافظ، فويل لمن صدف عن الحق الأشهر، وكذب بيوم المحشر، والسراج الأزهر، في يوم الفصل، وميزان العدل، ثم أنشأ يقول:
(شعر (3)):
يا ناعي الموت والأموات في جدث * عليهم من بقايا بزهم خرق منهم عرات وموتى في ثيابهم * منها الجديد ومنها الاورق الخلق دعهم فإن لهم يوما " يصاح بهم * كما ينبه من رقداته الصعق حتى يجيئوا بحال غير حالهم * خلق مضوا ثم ماذا بعد ذاك لقوا ثم أقبلت على أصحابه فقلت: على علم به آمنتم قبل مبعثه، كما آمنت به أنا، فنصت إلى رجل منهم وأشارت إليه وقالوا: هذا صاحبه وطالبه على وجه الدهر، وسالف العصر، وليس فينا خير منه، ولا أفضل، فبصرت به أغر أبلج، قد وقذته الحكمة، أعرف ذلك في أسارير (4) وجهه، وإن لم أحط علما " بكنهه، قلت: ومن هو؟ قالوا: هذا سلمان الفارسي، ذو البرهان العظيم، والشأن القديم، فقال سلمان: عرفته يا أخا عبد القيس من قبل إتيانه، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتلألأ ويشرق وجهه نورا " وسرورا "، فقلت:
يا رسول الله إن قسا " كان ينتظر زمانك، ويتوكف إبانك (5)، ويهتف باسمك وأبيك (6)