الرهبانية، ويدين الله بالوحدانية، يلبس المسوح (1) ويتحسى في سياحته بيض النعام، ويعتبر بالنور والظلام، يبصر فيتفكر ويفكر فيختبر، يضرب بحكمته الأمثال، أدرك رأس الحواريين شمعون، وأدرك لوقا ويوحنا، وفقه منهم (2)، تحوب (3) الدهر، وجانب الكفر، وهو القائل بسوق عكاظ وذي المجاز (4): شرق وغرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وحب ونبات، وجمع وأشتات، وذهاب وممات، وآباء وأمهات، وسرور مولود، ورزء مفقود نبأ لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله قبل أن يفقد أجله، كلا بل هو الله الواحد، ليس بمولود ولا والد، أمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، وهو رب الآخرة والأولى، ثم أنشد شعر (5) كلمة له:
ذكر القلب من جواه أذكار (6) * وليال خلا لهن نهار وشموس تحتها قمر * الليل وكل متابع موار وجبال شوامخ راسيات * وبحار مياههن غزار وصغير وأشمط (7) ورضيع * كلهم في الصعيد يوما " بوار كل هذا هو الدليل على الله * ففيه لنا هدى واعتبار ثم صاح: يا معشر إياد فأين ثمود؟ وأين عاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ وأين العليل