بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٤٤
الرهبانية، ويدين الله بالوحدانية، يلبس المسوح (1) ويتحسى في سياحته بيض النعام، ويعتبر بالنور والظلام، يبصر فيتفكر ويفكر فيختبر، يضرب بحكمته الأمثال، أدرك رأس الحواريين شمعون، وأدرك لوقا ويوحنا، وفقه منهم (2)، تحوب (3) الدهر، وجانب الكفر، وهو القائل بسوق عكاظ وذي المجاز (4): شرق وغرب، ويابس ورطب، وأجاج وعذب، وحب ونبات، وجمع وأشتات، وذهاب وممات، وآباء وأمهات، وسرور مولود، ورزء مفقود نبأ لأرباب الغفلة، ليصلحن العامل عمله قبل أن يفقد أجله، كلا بل هو الله الواحد، ليس بمولود ولا والد، أمات وأحيا، وخلق الذكر والأنثى، وهو رب الآخرة والأولى، ثم أنشد شعر (5) كلمة له:
ذكر القلب من جواه أذكار (6) * وليال خلا لهن نهار وشموس تحتها قمر * الليل وكل متابع موار وجبال شوامخ راسيات * وبحار مياههن غزار وصغير وأشمط (7) ورضيع * كلهم في الصعيد يوما " بوار كل هذا هو الدليل على الله * ففيه لنا هدى واعتبار ثم صاح: يا معشر إياد فأين ثمود؟ وأين عاد؟ وأين الآباء والأجداد؟ وأين العليل

(1) المسوح جمع المسح: الكساء من شعر، ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشعا وقهرا للجسد.
وتحسى المرق: شربه شيئا بعد شئ.
(2) في المصدر: ويوحنا وأمثالهم ففقه كلامهم ونقل منهم.
(3) تحوب، اجتنب الاثم.
(4) قال اليعقوبي في تاريخه 1: 227: سوق عكاظ بأعلى نجد، يقوم في ذي القعدة، وينزلها قريش وسائر العرب، الا ان أكثرها مضر، وبها كانت مفاخرة العرب وجمالاتهم ومهادناتهم، ثم سوق ذي المجاز، وكانت ترتحل من سوق عكاظ، وسوق ذي المجاز إلى مكة من لحجهم.
(5) هكذا في نسخة المصنف، والظاهر أن لفظة (شعر) زائدة، أو هو مصحف: أنشد كلمة له شعرا كما في المصدر.
(6) ادكار ليال خ ل وفي المصدر، إدكار، وليال.
(7) شمط: خالط بياض رأسه سواد فهو أشمط.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست