بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٩٩
من بنات الملوك يظهر في وجهه الامتناع، وقال أبوه: ما تقول يا بني فيما سمعت؟ فوالله ما في بنات أهل مكة مثلها، لأنها محتشمة في نفسها طاهرة مطهرة، عاقلة دينة (1)، فسكت عبد الله ولم يرد جوابا "، فعلم أبوه أنه قد مال إليها، فقال عبد المطلب: قد قبلنا دعوتكم، وأجبنا ورضينا بابنتكم، قالت فاطمة زوجة عبد المطلب: أنا أمضي معك إليها (2) حتى أنظر إلى آمنة، فإن كانت تصلح لولدي رضينا بها، فرجعت برة مسرورة بما سمعت، ثم سارت إلى زوجها مسرعة وبشرته وسمعت أم آمنة هاتفا " في الطريق يقول:
(بخ بخ لكم يا معشر أهل الصفا، قد قرب خروج المصطفى)، فدخلت على زوجها فقال:
وما وراءك؟ قالت: لقد سعدت سعادة علا قدرك في جملة العالمين، اعلم أن عبد المطلب قد رضي بابنتك (3)، ولكن مع الفرح ترحة، قال: وما هي؟ قالت: إن فاطمة خارجة تنظر إلى ابنتك آمنة، فإن رضيت بها وإلا لم يكن شيئا (4)، وإني أخاف أن لا ترضى بها، فقال لها وهب بن عبد مناف: أخرجي هذه الساعة إلى ابنتك وزينيها وألبسيها أفخر الثياب وقلديها أفخر ما عندك، فعسى ولعل، فعمدت برة إلى بنتها وألبستها أفخر ما عندها من الثياب، والحلي، وضفرت شعرها (5)، وأرخت ذوائبها (6) على أكتافها، وقالت لها: يا ابنتي إذا أتتك فاطمة فتأدبي لها أحسن الأدب، وارغبي في النور الذي في وجه ولدها عبد الله، فبينما هما في ذلك إذ أقبلت فاطمة وخرج وهب من المنزل، وإذا بعبد المطلب (7) فأدخلوا فاطمة، فقامت لها آمنة إجلالا " وتعظيما " ورحبت بها أحسن

(1) أديبة خ ل وهو الموجود في المصدر.
(2) وأجبنا مسألتكم، ورضينا لعبد الله ابنتكم وسأمضي إليها.
(3) في المصدر: قالت له: يا هذا لقد سعدت، وسعد جدك، وعلا في الناس ذكرك ومجدك، وشاع فخرك وارتفع قدرك، وقد رضى عبد المطلب ابنتك.
(4) في المصدر: فان رضيت تمت المصاهرة، وان لم ترضاها فما تمت المصاهرة.
(5) ضفر الشعر: نسج بعضها على بعض عريضا.
(6) الذوائب جمع الذؤابة: شعر في مقدم الرأس.
(7) وولده عبد الله خ ل وفي المصدر: وإذا بعبد الله ووالده.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست