أخرجت الحوت رأسها وابتلعته، وقالت: يا سليمان أين تمام قوتي اليوم؟ هذا بعض قوتي!
فعجب سليمان عليه السلام فقال لها: هل في البحر دابة مثلك؟ فقالت: ألف أمة، فقال سليمان:
سبحان الله الملك العظيم.
وروى غيره أن سليمان عليه السلام رأى عصفورا يقول لعصفورة: لم تمنعين نفسك مني؟
ولو شئت أخذت قبة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر، فتبسم سليمان عليه السلام من كلامه ثم دعاهما وقال للعصفور: أتطيق أن تفعل ذلك؟ فقال: لا يا رسول الله، ولكن المرء قد يزين نفسه ويعظمها عند زوجته، والمحب لا يلام على ما يقول، فقال سليمان عليه السلام للعصفورة: لم تمنعينه من نفسك وهو يحبك؟ فقالت: يا نبي الله إنه ليس محبا ولكنه مدع، لأنه يحب معي غيري، فأثر كلام العصفورة في قلب سليمان، وبكى بكاء شديدا واحتجب عن الناس أربعين يوما يدعو الله أن يفرغ قلبه لمحبته وأن لا يخالطها بمحبة غيره.
وروي أنه عليه السلام سمع يوما عصفورا يقول لزوجته: ادني مني حتى أجامعك لعل الله يرزقنا ولدا يذكر الله تعالى فإنا كبرنا، فتعجب سليمان من كلامه وقال: هذه النية خير من مملكتي.
وقال البيضاوي: حكي أنه مر ببلبل يتصوت ويترقص، فقال: يقول: إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء، (1) وصاحت فاختة فقال: إنها تقول: ليت الخلق لم يخلقوا. (2) وقال الزمخشري: روي أن قتادة دخل الكوفة والتف عليه الناس، (3) فقال:
سلوا عما شئتم، وكان أبو حنيفة حاضرا وهو غلام حدث (4) فقال: سلوه عن نملة سليمان أكانت ذكرا أم أنثى؟ فسألوه فأفحم، فقال أبو حنيفة: كانت أنثى بدليل قوله تعالى: