ثم قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ (1) قال سليمان: مالي بهذا علم، قالت النملة: يعني عز وجل بذلك: لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الريح، فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها. (2) بيان: قال الثعلبي في تفسيره: رأيت في بعض الكتب وذكر نحوه، وفيه: فقالت النملة: هل علمت لم سمي أبوك داود؟ فقال: لا، قالت: لأنه داوى جرحه بود، هل تدري لم سميت سليمان؟ قال: لا، قالت: لأنك سليم ركنت إلى ما أوتيت لسلامة صدرك، وآن لك أن تحلق بأبيك. (3) أقول: التعليل الذي ذكرته النملة يحتمل وجوها من التأويل:
الأول: وهو الذي ارتضيته أن المعنى أن أباك لما ارتكب ترك الأولى وصار قلبه مجروحا بذلك فداواه بود الله تعالى ومحبته فلذا سمي داود اشتقاقا من الدواء بالود وأنت لما لم ترتكب بعد وأنت سليم منه سميت سليمان، فخصوص العلتين للتسميتين صارتا علة لزيادة اسمك على اسم أبيك.
ثم لما كان كلامها موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبيه استدركت ذلك بأن ما صدر عنه لم يصر سببا لنقصه، بل صار سببا لكمال محبته وتمام مودته، وأرجو أن تلحق أنت أيضا بأبيك في ذلك ليكمل محبتك.
الثاني: أن المعنى أن أصل الاسم كان داوى جرحه بود وهو أكثر من اسمك، وإنما صار بكثرة الاستعمال داود، ثم دعا له ورجاه بقوله: أرجو أن تلحق بأبيك، أي في الكمال والفضل.
الثالث: ما ذكره بعض المعاصرين وهو أن المراد أن هذا الاسم مشتمل على سليم،