إلى ملكه وأخذ ذلك الشيطان فحبسها في صخرة وألقاها في البحر، فهؤلاء قالوا: قوله:
" وألقينا على كرسيه جسدا " هو جلوس ذلك الشيطان على كرسيه عقوبة له، ثم قال:
واعلم أن أهل التحقيق استبعدوا هذا الكلام من وجوه:
الأول: أن الشيطان لو قدر على أن يتشبه بالصورة والخلقة بالأنبياء فحينئذ لا يبقى اعتماد على شئ قطعا، فلعل هؤلاء الذين رأوهم الناس في صورة محمد وموسى و عيسى عليهم السلام ما كانوا أولئك، بل كانوا شياطين تشبهوا بهم في الصورة، (1) ومعلوم أن ذلك يبطل الدين بالكلية.
الثاني: أن الشيطان لو قدر على أن يعامل نبي الله تعالى بمثل هذه المعاملة لوجب أن يقدر على مثلها مع جميع العلماء والزهاد، وحينئذ وجب أن يقتلهم ويمزق تصانيفهم ويخرب ديارهم.
الثالث: كيف يليق بحكمة الله وإحسانه أن يسلط الشيطان على أزواج سليمان، (2) ولا شك أنه قبيح.
الرابع: لو قلنا: إن سليمان عليه السلام أذن لتلك المرأة في عبادة تلك الصورة فهذا كفر منه، وإن لم يأذن فيه فالذنب على تلك المرأة، فكيف يؤاخذ الله سليمان عليه السلام بفعل لم يصدر عنه؟! (3) وقال السيد قدس الله روحه: أما ما رواه القصاص الجهال في هذا الباب فليس مما يذهب على عاقل بطلانه، وأن مثله لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام، وأن النبوة لا تكون في خاتم يسلبها الجني، وأن الله تعالى لا يمكن الجني من التمثل بصورة النبي ولا غير ذلك مما افتروا به على النبي. (4) أقول: ثم ذكر رحمه الله وجوها ذكر الطبرسي رحمة الله عليه مختصرا منها مع غيرها، منها: أن سليمان عليه السلام قال يوما في مجلسه: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله، ولم يقل: إن شاء الله، فطاف