بالشام، والظهر بفارس، وكان يأمر الشياطين أن يحملوا الحجارة من فارس يبيعونها بالشام، فلما مسح أعناق الخيل وسوقها بالسيف سلبه الله ملكه، وكان إذا دخل الخلاء دفع خاتمه إلى بعض من يخدمه فجاء شيطان فخدع خادمه وأخذ من يده الخاتم ولبسه، فخرت عليه (1) الشياطين والجن والانس والطير والوحوش، وخرج سليمان عليه السلام في طلب الخاتم فلم يجده، فهرب ومر على ساحل البحر وأنكرت بنو إسرائيل الشيطان الذي تصور في صورة سليمان، وصاروا إلى أمه فقالوا لها: أتنكرين من سليمان شيئا؟
فقالت: كان أبر الناس بي وهو اليوم يعصيني، (2) وصاروا إلى جواريه ونسائه وقالوا:
أتنكرن من سليمان شيئا؟ قلن: لم يكن يأتينا في الحيض وهو يأتينا في الحيض، فلما خاف الشيطان أن يفطنوا به ألقى الخاتم في البحر، فبعث الله سمكة فالتقمته وهرب الشيطان فبقوا بنو إسرائيل يطلبون سليمان عليه السلام أربعين يوما، وكان سليمان عليه السلام يمر على ساحل البحر تائبا إلى الله مما كان منه، فلما كان بعد أربعين يوما مر بصياد يصيد السمك فقال له:
أعينك على أن تعطيني من السمك شيئا؟ قال: نعم، فأعانه سليمان عليه السلام، فلما اصطاد دفع إلى سليمان عليه السلام سمكة فأخذها فشق بطنها وذهب يغسلها فوجد الخاتم في بطنها فلبسه، وحوت (3) عليه الشياطين والجن والانس والطير والوحوش ورجع إلى ما كان، وطلب ذلك الشيطان وجنوده الذين كانوا معه فقيدهم وحبس بعضهم في جوف الماء وبعضهم في جوف الصخر بأسامي الله، فهم محبوسون معذبون إلى يوم القيامة.
قال: ولما رجع سليمان إلى ملكه قال لآصف بن برخيا - وكان آصف كاتب سليمان وهو الذي كان عنده علم من الكتاب -: قد عذرت الناس بجهالتهم فكيف أعذرك؟ فقال:
لا تعذرني فلقد عرفت الحوت الذي أخذ خاتمك (4) وأباه وأمه وعمه وخاله، ولقد قال لي: اكتب لي، فقلت له: إن قلمي لا يجري بالجور، فقال: اجلس ولا تكتب، فكنت أجلس ولا أكتب شيئا، ولكن أخبرني عنك يا سليمان صرت تحب الهدهد وهو أخس