تعرف به أمور طاعته، ولا يمتنع أن يكون لها من الفهم ما تستدرك به ذلك، وقد علمنا أنها تشق ما تجمع من الحبوب بنصفين مخافة أن تصيبه الندى فينبت إلا الكزبرة فإنها تكسرها بأربع لأنها تنبت إذا قطعت بنصفين، (1) فمن هداها إلى هذا فإنه يهديها إلى تمييز ما يحطمها مما لا يحطمها، وقيل: إن ذلك كان منها على سبيل المعجز الخارق للعادة لسليمان عليه السلام، قال ابن عباس: فوقف سليمان عليه السلام بجنوده حتى دخل النمل مساكنه فتبسم ضاحكا من قولها، وسبب ضحكه التعجب لأنه رأى ما لا عهد له به، وقيل: إنه تبسم بظهور عدله حتى عرفه النمل، (2) وقيل: إن الريح أطارت كلامها إليه من ثلاثة أميال حتى سمع ذلك فانتهى إليها وهي تأمر النمل بالمبادرة فتبسم من حذرها " رب أوزعني " أي ألهمني. (3) أقول: قال الرازي في تفسيره: رأيت في بعض الكتب أن تلك النملة إنما أمرت غيرها بالدخول لأنها خافت أنها إذا رأت سليمان على جلالته فربما وقعت في كفران نعمة الله، وهو المراد بقوله: " لا يحطمنكم سليمان " فأمرتها بالدخول في مساكنها لئلا ترى تلك النعم فلا تقع في كفران نعم الله. (4) 1 - تفسير علي بن إبراهيم: " وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير " (5) قعد على كرسيه وحملته الريح (6) على وادي النمل، وهو واد ينبت الذهب والفضة، وقد وكل الله به النمل وهو قول الصادق عليه السلام: إن لله واديا ينبت الذهب والفضة، قد حماه الله بأضعف خلقه وهو النمل، لورامته البخاتي (7) ما قدرت عليه. فلما انتهى سليمان إلى وادي النمل فقالت نملة: " يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا
(٩١)