فلما جاوز سليمان البيت بكى البيت، فأوحى الله تعالى إلى البيت: ما يبكيك؟ قال:
يا رب أبكاني هذا نبي من أنبيائك وقوم من أوليائك مروا علي فلم يهبطوا في، ولم يصلوا عندي، ولم يذكروك بحضرتي والأصنام تعبد حولي من دونك، فأوحى الله تعالى إليه: أن لا تبك فإني سوف أملاك وجوها سجدا، وأنزل فيك قرآنا جديدا، وأبعث منك نبيا في آخر الزمان أحب أنبيائي إلي، وأجعل فيك عمارا من خلقي يعبدونني وأفرض على عبادي فريضة يدفون (1) إليك دفيف النسور إلى وكورها، ويحنون (2) إليك حنين الناقة إلى ولدها، والحمامة إلى بيضتها، وأطهرك من الأوثان وعبدة الشيطان قال: وروي أن سليمان لما ملك بعد أبيه أمر باتخاذ كرسي ليجلس عليه للقضاء و أمر بأن يعمل بديعا مهولا بحيث أن لو رآه مبطل أو شاهد زور ارتدع وتهيب، قال: فعمل له كرسي من أنياب الفيلة وفصصوه بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد وأنواع الجواهر وحففوه بأربع نخلات من ذهب، شماريخها (3) الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر، على رأس نخلتين منها طاووسان من ذهب وعلى رأس الآخرين نسران من ذهب، بعضها مقابلا لبعض وجعلوا من جنبتي الكرسي أسدين من الذهب، على رأس كل واحد منهما عمود من الزمرد الأخضر، وقد عقدوا على النخلات أشجار كروم من الذهب الأحمر واتخذوا عناقيدها من الياقوت الأحمر بحيث يظل عريش الكروم النخل والكرسي، قال: وكان سليمان عليه السلام إذا أراد صعوده وضع قدميه على الدرجة السفلى فيستدير الكرسي كله بما فيه دوران الرحى المسرعة، وتنشر تلك النسور والطواويس أجنحتها، وتبسط الأسدان أيديهما فتضربان الأرض بأذنابهما، فكذلك كل درجة يصعدها سليمان عليه السلام، فإذا استوى بأعلاه أخذ النسران اللذان على النخلتين تاج سليمان فوضعاه على رأس سليمان