النصارى فأقام إلى أن بلغ ثلاثين سنة، فأوحى الله إليه أن يبرز للناس ويدعوهم إلى الله تعالى، ويداوي الزمني والمرضى والأكمه والأبرص وغيرهم من المرضى، ففعل ما أمر به، فأحبه الناس وكثر أتباعه، (1) وحضر يوما طعام بعض الملوك كان دعا الناس إليه، فقعد على قصعة يأكل منها ولا ينقص، قال الملك: من أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريم، فنزل الملك (2) وأتبعه في نفر من أصحابه فكانوا الحواريين، وقيل: إن الحواريين هم الصباغ الذي تقدم ذكره وأصحاب له، وقيل: كانوا صيادين، وقيل:
كانوا قصارين، وقيل: ملاحين والله أعلم. (3) أقول: وقال السيد ابن طاوس في سعد السعود: رأيت في الإنجيل أن عيسى عليه السلام صعد السفينة ومعه تلاميذه وإذا اضطراب عظيم في البحر حتى كادت السفينة تتغطى بالأمواج، وكان هو كالنائم، فتقدم إليه تلاميذه وأيقظوه وقالوا: يا سيدنا نجنا لكيلا نهلك، فقال لهم: يا قليلي الايمان ما أخوفكم! فعند ذلك قام وانتهر الرياح فصار هدء عظيما، (4) فتعجب الناس (5) وقالوا: كيف هذا؟ إن الرياح والبحر لتسمعان منه. (6)