بيتا للدهقان فيه صفان من جرار، فأمر عيسى عليه السلام يده على أفواهها وهو يمشي فامتلأت شرابا، وعمره حينئذ اثنتا عشرة سنة، وكان في الكتاب يحدث الصبيان بما يصنع أهلوهم وبما يأكلون، قال وهب: بينما عيسى عليه السلام يلعب مع الصبيان إذ وثب غلام على صبي فضربه على رجله فقتله، فألقاه بين رجلي المسيح متلطخا بالدم، (1) فانطلقوا به إلى الحاكم في ذلك البلد وقالوا: قتل صبينا، فسأله الحاكم فقال: ما قتلته، فأرادوا أن يبطشوا به فقال:
ايتوني بالصبي حتى أسأله من قتله، فعجبوا من قوله وأحضروه عند القتيل، (2) فدعا الله تعالى وأحياه، فقال: من قتلك؟ فقال: قتلني فلان، (3) فقال بنو إسرائيل للقتيل:
من هذا؟ قال: عيسى بن مريم، ثم مات من ساعته.
وقال عطاء: سلمت مريم عيسى عليه السلام إلى صباغ يتعلم عنده، فاجتمع عند الصباغ ثياب وعرض له حاجة، فقال للمسيح عليه السلام: هذه ثياب مختلفة الألوان، وقد جعلت في كل ثوب خيطا على اللون الذي تصبغ به فاصبغها حتى أعود من حاجتي هذه، فأخذها المسيح وألقاها في حب واحد، فلما عاد الصباغ سأله عن الثياب فقال: صبغتها، فقال:
أين هي؟ قال: في هذا الحب، قال: كلها؟ قال: نعم، قال: قد أفسدتها على أصحابها وتغيظ عليه، فقال له المسيح: لا تعجل وانظر إليها، فقام وأخرج كل ثوب منها على اللون الذي أراد صاحبه، فتعجب الصباغ منه، وعلم أن ذلك من الله تعالى.
ولما عاد عيسى وأمه إلى الشام (4) نزلا بقرية يقال لها ناصرة وبها سميت